فرنسا على أبواب مواجهة جديدة.. تشريعات مرتقبة تهدد حرية الحجاب وتفاقم التوتر حول الهجرة

فرنسا على أبواب مواجهة جديدة.. تشريعات مرتقبة تهدد حرية الحجاب وتفاقم التوتر حول الهجرة
تتصاعد في فرنسا أزمة متشابكة تجمع بين ملف الحجاب للفتيات القاصرات والهجرة غير الشرعية، وسط استعداد البرلمان لجلسة حاسمة في 22 يناير المقبل قد تشكّل نقطة تحول في علاقة الدولة مع مسلميها. ويعتزم حزب الجمهوريين الدفع بقانون يحظر ارتداء الحجاب للفتيات دون سن الخامسة عشرة، تحت ذريعة “حماية الطفولة”، في خطوة تُقابل برفض واسع من المؤسسات والجمعيات الإسلامية التي تعتبر الإجراء اعتداءً مباشراً على الهوية الدينية للمسلمين وحريتهم في التعبير.
ورغم أن استطلاعاً للرأي يشير إلى دعم شعبي يصل إلى 71% لمثل هذا الحظر، إلا أن خبراء ومراقبين يشككون في منهجيته، فيما تثير الخطوة انقساماً داخل الحكومة نفسها، لكونها تكرر نموذجاً اعتمدته النمسا سابقاً دون أن يثبت جدواه أو تأثيره في حماية الطالبات. ويرى كثيرون أن هذه المقاربة تزيد من وصم المسلمات القاصرات بدل توفير حماية حقيقية لحقوقهن الأساسية.
وفي موازاة الجدل حول الحجاب، يعود ملف الهجرة غير الشرعية إلى واجهة النقاش العام مع ارتفاع الإنفاق الحكومي على المساكن الطارئة للمهاجرين إلى 1.2 مليار يورو سنوياً. ويشعر قطاع من الرأي العام بأن احتياجات المواطنين الفرنسيين في السكن والدعم الاجتماعي تُهمَل، ما يخلق توتراً اجتماعياً تستخدمه بعض الأحزاب لتعزيز خطابها السياسي، ويضع المجتمعات المسلمة في مواجهة غير عادلة مع بقية المجتمع.
كما يبحث البرلمان حزمة من الإجراءات لتعزيز سلطة الدولة، بينها تعليق الإعانات الاجتماعية لمرتكبي أعمال العنف، وتوسيع صلاحيات الشرطة، وتقليص تضخم الجهاز الإداري، وهي خطوات يرى فيها مراقبون توجهاً نحو تشديد أمني قد يطال الفئات الأكثر هشاشة.
وفي ظل هذه الانقسامات السياسية الحادة، يبقى مصير التشريعات الجديدة غامضاً، بينما يشعر المسلمون في فرنسا بأن المرحلة المقبلة قد تحمل تراجعاً خطيراً في ضماناتهم الدستورية، ما يجعل من هذا الاستحقاق البرلماني اختباراً حقيقياً لمدى التزام فرنسا بحماية الحريات الدينية وحقوق الأقليات في قلب أوروبا.




