أفريقيا

ترامب يلوّح بالحرب على نيجيريا وسط جدل حول دوافع دينية وتعقيدات الصراع الداخلي

ترامب يلوّح بالحرب على نيجيريا وسط جدل حول دوافع دينية وتعقيدات الصراع الداخلي

أثار تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب باتخاذ إجراءات صارمة، وصولاً إلى التلويح بالخيار العسكري ضد نيجيريا، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، وسط تساؤلات حول دوافع هذا التصعيد وحدود واقعيته في ضوء تعقيدات المشهد الأمني والديني في الدولة الإفريقية.
وكان ترامب قد أعلن عزمه تصنيف نيجيريا «دولة مثيرة للقلق بشكل خاص» استناداً إلى قانون الحرية الدينية الدولية لعام 1998، متهماً جماعات «إسلامية متطرفة» بالوقوف وراء قتل آلاف المسيحيين، ومهدداً بوقف المساعدات الأميركية وفرض قيود على التأشيرات، بل وحتى تنفيذ تحرك عسكري «سريع وعنيف» إذا استمر ما وصفه باضطهاد المسيحيين. وفي هذا السياق، أُرسلت بعثة أميركية لتقصي الحقائق، بالتوازي مع تصريحات لوزير الخارجية الأميركي عن إجراءات عقابية محتملة.
في المقابل، رفضت نيجيريا هذه الاتهامات على لسان رئيسها بولا أحمد تينوبو، مؤكدة أن توصيف البلاد كدولة غير متسامحة دينياً لا يعكس واقعها، ومشددة على أن العنف القائم مرتبط بتحديات أمنية معقدة تتجاوز البعد الديني. كما حذّر الاتحاد الإفريقي من استغلال الدين وتبسيط الأزمات الأمنية، مؤكداً احترام سيادة نيجيريا.
وتشير معطيات ديمغرافية وسياسية إلى أن نيجيريا دولة علمانية دستورياً، تضم مجتمعاً شديد التنوع دينياً وعرقياً، حيث يتوزع السكان بين مسلمين ومسيحيين بنسب متقاربة، مع تاريخ من التعايش والتوازن السياسي. ويؤكد محللون أن العنف المزمن في البلاد تغذيه عوامل متعددة، من بينها نشاط جماعات مسلحة مثل «بوكو حرام» وتنظيم «داعش – غرب إفريقيا»، إضافة إلى عصابات إجرامية وصراعات على الأراضي والموارد، وغالباً ما تطال هذه الأعمال المسلمين والمسيحيين على حد سواء.
وتطعن تقارير بحثية مستقلة، مثل بيانات مشروع «أكليد» لرصد النزاعات، في الروايات التي تتحدث عن «إبادة جماعية» بحق المسيحيين، مبيّنة أن الدوافع الدينية تشكل نسبة محدودة من أسباب استهداف المدنيين، وأن عدد الضحايا المسلمين يفوق في كثير من الأحيان عدد الضحايا المسيحيين. ويرى خبراء أن توظيف الخطاب الديني في هذا الملف يخفي جذوراً أعمق للصراع، تتعلق بالفقر والتنافس على الموارد وضعف الحوكمة.
وبينما يتصاعد الخطاب الأميركي ذي الطابع الديني والسياسي، يحذّر مراقبون من أن أي تصعيد عسكري أو ضغوط أحادية قد تزيد من تعقيد الأزمة، بدلاً من معالجتها، في بلد يشكل أحد أكبر وأهم مراكز الثقل السكاني والسياسي في القارة الإفريقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى