الهند على مفترق الهوية.. تصاعد القومية الهندوسية يهدد التعددية ويضيّق على المسلمين

الهند على مفترق الهوية.. تصاعد القومية الهندوسية يهدد التعددية ويضيّق على المسلمين
تشهد الهند في السنوات الأخيرة تحوّلات فكرية وسياسية متسارعة تقودها منظمة «راشتريا سوايامسيفاك سانغ» (RSS)، الحركة القومية الهندوسية التي تأسست عام 1925 وتُعدّ الداعم الأيديولوجي لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي. وترتكز هذه الحركة على مفهوم “الهند للهندوس”، في مسعى لإعادة صياغة الهوية الوطنية على أسس دينية تُقصي الأقليات المسلمة والمسيحية وسائر المكوّنات الأخرى.
منذ تولي مودي الحكم عام 2014، تصاعدت سياسات التمييز ضد المسلمين في مجالات التعليم والعمل والزواج، حيث بات ما يُعرف بـ«جهاد الحب» ذريعةً لملاحقة المسلمين قانونيًا واجتماعيًا، في وقتٍ يُحتفى فيه علنًا بمن يعتنقون الهندوسية من المسلمين، في مشهد يعكس ازدواجية واضحة وتواطؤًا رسميًا مع الخطاب القومي المتشدد.
تاريخيًا، استلهمت الحركة فكرها من النماذج الفاشية الأوروبية في ثلاثينيات القرن الماضي، وقد أشاد بعض منظّريها بهتلر وموسوليني، معتبرين تجربتهما مثالًا في التعامل مع الأقليات، بينما تحوّلت رموز دينية مثل الإله «رام» إلى أدوات لتكريس هوية قومية أحادية. وبلغ هذا التوجه ذروته عام 1992 حين هُدم مسجد بابري في مدينة أيوديا، ليُشيَّد بعد ثلاثة عقود معبد رام على أنقاضه بافتتاح رسمي من مودي نفسه، في خطوةٍ اعتبرها المراقبون تتويجًا لمشروع “الهندوتفا” الهادف إلى تحويل الهند من دولة علمانية إلى أمة هندوسية خالصة.
وبينما يحتفل أنصار الحركة بما يصفونه بـ«نهضة الأمة»، يعيش ملايين المسلمين في الهند تحت ضغطٍ متزايد من خطاب الكراهية والعنف المجتمعي، وسط مخاوف من أن يؤدي ترسيخ الفكر القومي الهندوسي إلى تفكك النسيج الاجتماعي وتآكل التعددية الدينية والثقافية التي كانت تمثل الركيزة الأساسية للهوية الهندية الحديثة.