منظمات حقوقية: النساء في السودان يواجهن عنفًا ممنهجًا وسط غياب الحماية

منظمات حقوقية: النساء في السودان يواجهن عنفًا ممنهجًا وسط غياب الحماية
بعد أكثر من عامين على اندلاع الحرب في السودان في 15 أبريل 2023، تواجه النساء والفتيات واقعًا كارثيًا من العنف الممنهج والانتهاكات الجسيمة، في ظل غياب آليات حماية فعّالة وتجاهل معاناتهن على المستويين المحلي والدولي.
أحدث الإحصاءات الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان كشفت عن تسجيل 368 حادثة عنف مرتبطة بالنزاع، شملت ما لا يقل عن 521 ضحية حتى 31 مايو 2025، حيث كانت أكثر من نصف الحالات اغتصابًا، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي، وغالبًا ما استهدفت النساء والفتيات النازحات، فيما نسبت غالبية الحوادث الموثقة إلى قوات الدعم السريع. وأكدت الأمم المتحدة أن هذه الأرقام تمثل جزءًا ضئيلاً من حجم الانتهاكات الفعلي، إذ يُخشى الإبلاغ عن كثير من الحوادث بسبب وصمة العار والخوف من الانتقام وانهيار الأنظمة الطبية والقانونية.
ترتفع معدلات العنف ضد النساء في ولايتي شمال وجنوب كردفان، حيث تعاني النساء النازحات من القرى إلى مدن الأبيض والدلنج من اعتداءات متكررة من قبل القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، إضافة إلى العنف المنزلي والتحرش، ما دفع العديد منهن إلى فتح بلاغات والحصول على أورنيك 8 الطبي لتلقي العلاج النفسي والطبي.
وتشير تقارير منظمات حقوقية إلى أن العنف يشمل جميع النساء والفتيات دون تمييز، ويستمر في مناطق عدة تحت سيطرة جميع أطراف النزاع، بما في ذلك القوات الموالية للجيش والمليشيات المسلحة والحركة الشعبية لتحرير السودان، إلى جانب حالات اختطاف الأطفال واسترقاق النساء.
وفي إقليم دارفور، تزداد الانتهاكات حدة، حيث تتعرض النساء والأطفال للاغتصاب والتعذيب والاستغلال في معسكرات النازحين، بينما يشمل العنف أيضًا الرجال وكبار السن. ويتفاقم الوضع بسبب فقدان النساء لأوراقهن الثبوتية، وانتشار ظاهرة الترمّل التي تحوّل الكثيرات منهن إلى معيلات لأسرهن دون أي دعم نفسي أو اقتصادي، مع استمرار التعرض للتحرش والتجريم من قبل السلطات المحلية وحرمانهن من المساعدة القانونية.
كما يؤدي إقصاء النساء عن مراكز صنع القرار والمشاركة في توزيع المساعدات أو العمليات السياسية إلى تفاقم الأزمة، فيما تتزايد حالات الاستغلال، بما في ذلك ظاهرة “الجنس مقابل الغذاء”، وسط صمت تام وخطر التجريم والوصم في حال الإبلاغ عن الانتهاكات.
وأكدت الناشطة الحقوقية هالة الكارب أن تجاهل الانتهاكات المروعة ضد المدنيين، ولا سيما النساء والأطفال، لا يمثل مجرد فشل أخلاقي، بل يمنح الشرعية لاستمرار الحرب ويقوّض أي فرصة لبناء مستقبل يعمه السلام والاستقرار، محذرة من أن الأزمة الحالية تفرض على المجتمع الدولي والمحلي ضرورة التحرك الفوري لتوفير الحماية والمحاسبة.