أوروبا

الهجرة المعاكسة.. جزائريو فرنسا بين تصاعد العنصرية وأحلام الاستقرار في بلدان بديلة

الهجرة المعاكسة.. جزائريو فرنسا بين تصاعد العنصرية وأحلام الاستقرار في بلدان بديلة

تشهد فرنسا في السنوات الأخيرة تزايداً لافتاً في ظاهرة “الهجرة المعاكسة”، حيث يغادر فرنسيون من أصول جزائرية البلاد نحو كندا وأمريكا ودول أوروبية أخرى، فيما يقرر البعض العودة للاستقرار في أرض الأجداد. هذه الظاهرة، كما يؤكد أصحابها، لم تأت بحثاً عن فرص اقتصادية فحسب، بل هرباً من “العنصرية والكراهية” التي يقولون إنها باتت متجذرة في المجتمع الفرنسي.
الأزمة الدبلوماسية بين باريس والجزائر، التي تفجرت مطلع 2025 إثر إعلان وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو استراتيجية “توازن القوى” في التعامل مع الجزائر، أسهمت في زيادة التوتر السياسي والمجتمعي على حد سواء. فالتراشق بالاتهامات وطرد الدبلوماسيين وتعليق اتفاقات الإعفاء من التأشيرات، كلها فاقمت مناخاً من العداء امتد أثره إلى حياة الفرنسيين من أصول جزائرية.
ويصف كثير منهم واقعهم بأنه “أزمة مجتمعية متفاقمة”، مدعومة بتصاعد جرائم الكراهية والاعتداءات العنصرية. فقد شهدت مدن فرنسية عدة خلال العام الماضي أحداثاً صادمة، أبرزها العثور على رؤوس خنازير أمام أبواب المساجد، وجرائم قتل نفذها متطرفون ينتمون إلى جماعات يمينية معادية للأجانب، استهدفت ضحايا جزائريين أو مسلمين آخرين.
الإحصاءات الرسمية تعكس بدورها هذا التدهور، إذ سجلت فرنسا عام 2024 ما يزيد على 9300 جريمة بدوافع عنصرية أو دينية، بزيادة 11% عن العام الذي سبقه. وترافق ذلك مع خطابات تحريضية أطلقتها شخصيات وأحزاب يمينية متطرفة، اعتبرها مراقبون أداة انتخابية لتهيئة الطريق أمام استحقاق رئاسي مرتقب في 2027.
المتابعون للشأن الفرنسي يحذرون من أن استمرار هذا المناخ ينذر بتفاقم موجات الهجرة المعاكسة، وتحول فرنسا إلى بيئة طاردة لمواطنيها من أصول عربية وإفريقية. وبينما يسعى اليمين المتطرف إلى استثمار هذا الوضع انتخابياً، يظل آلاف الفرنسيين الجزائريين يبحثون عن أوطان بديلة تمنحهم الأمن والكرامة والمساواة التي لم يجدوها في وطنهم الأصلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى