استطلاع فرنسي يكشف مستويات مقلقة من كراهية المسلمين وتمييز متعدد الأبعاد

استطلاع فرنسي يكشف مستويات مقلقة من كراهية المسلمين وتمييز متعدد الأبعاد
أظهرت دراسة جديدة أعدها معهد “إيفوب” بتكليف من المسجد الكبير في باريس، ونشرتها صحيفة ليبيراسيون، أن كراهية المسلمين في فرنسا باتت ظاهرة متجذرة ومتعددة الأبعاد، بلغت مستويات مثيرة للقلق.
وشمل الاستطلاع 1005 مسلمين يقيمون في كبريات المدن الفرنسية، حيث أفاد 82% منهم بأن العداء تجاه المسلمين أصبح “منتشرًا على نطاق واسع في فرنسا اليوم”، فيما ذكر 66% أنهم تعرضوا لسلوك عنصري خلال السنوات الخمس الماضية، وهو معدل يفوق بثلاثة أضعاف ما يواجهه باقي السكان.
وأوضحت النتائج أن الشباب المسلمين هم الأكثر عرضة لهذه الظاهرة، إذ أكد 76% من الذين تقل أعمارهم عن 25 عامًا أنهم واجهوا مواقف عنصرية. كما أشار نصف المستطلعة آراؤهم تقريبًا إلى أن انتماءهم الديني كان السبب المباشر في التمييز ضدهم، فيما أكد 41% من غير الممارسين للشعائر أن مجرد كونهم مسلمين كان كافيًا لاستهدافهم.
ولفتت الدراسة إلى أن هذا التمييز لا يقتصر على الفئات الفقيرة أو الأقل اندماجًا، بل يشمل أيضًا أفراد الطبقة المتوسطة والمندمجين مهنيًا، حيث أشار 51% إلى تعرضهم للتمييز عند البحث عن عمل، و46% عند التقدم للحصول على سكن، مقابل نسب لا تتجاوز 7% و6% لدى أتباع ديانات أخرى. كما سجلت وقائع للتمييز داخل مؤسسات يفترض أن تكون محايدة مثل المدارس والشرطة والخدمات العامة.
وبيّن الاستطلاع أن هذا المناخ يولد حالة قلق عميقة لدى المسلمين، إذ يخشى 64% منهم من تقييد حرياتهم الدينية، ويخاف 51% من التعرض لاعتداء جسدي، وترتفع هذه النسبة إلى 66% بين النساء المحجبات. ورغم ذلك، فإن ثلثي المتضررين لا يلجؤون إلى تقديم شكاوى رسمية، ما يعكس تراجع ثقتهم بالمؤسسات.
إمام المسجد الكبير في باريس، شمس الدين حافظ، الذي وقف وراء هذا التحقيق، حذر في بيان نقلته صحيفة لوفيغارو من “خطر يتهدد المسلمين في فرنسا”، داعيًا إلى وضع مكافحة رهاب المسلمين في صدارة الأولويات، باعتبارها مسألة تمس الأمن الوطني والتماسك الجمهوري، وليست مطلبًا لفئة بعينها. وطالب باتخاذ تدابير ملموسة تشمل الرقابة والمعاقبة في مجالات التوظيف والإسكان والخدمات العامة، إلى جانب تعزيز تدريب موظفي الدولة.
ويأتي هذا التقرير في ظل تصاعد حوادث خطيرة، بينها مقتل أبو بكر سيسيه داخل مسجد بمنطقة غارد في أبريل/نيسان الماضي، والهجوم المميت على هشام ميراوي في مايو/أيار بمنطقة فار، إضافة إلى وضع رؤوس خنازير أمام تسعة مساجد في إيل دو فرانس مطلع سبتمبر/أيلول. ويرى حافظ أن مثل هذه الأفعال تُستغل أحيانًا من قِبل قوى أجنبية لإضعاف فرنسا، ما يجعلها قضية إستراتيجية تتجاوز البعد الاجتماعي.
كما خلصت الدراسة إلى أن الخطاب العام حول الإسلام يشهد تطرفًا متزايدًا يضفي شرعية على هذه الممارسات ويفاقمها. وفي تعليق على النتائج، أوضح عالم السياسة فرانسوا كراوس من معهد “إيفوب” أن كراهية المسلمين –وهو المصطلح الذي يفضله لتجنب الجدل حول كلمة “إسلاموفوبيا”– أصبحت المحدد الأساسي لتجربة المسلمين في فرنسا على مختلف المستويات.