قراءة تاريخية نقدية.. الألمان وبدايات طباعة المصحف الشريف

قراءة تاريخية نقدية.. الألمان وبدايات طباعة المصحف الشريف
شهد القرن السابع عشر الميلادي أولى محاولات الألمان لطباعة المصحف الشريف، في خطوة تعكس بدايات اهتمام المستشرقين الغربيين بالإسلام والقرآن الكريم، وإن لم تخلُ من أخطاء وتشويه متعمد في بعض الأحيان.
ففي عام 1694، أصدر الراهب البروتستانتي والأستاذ الجامعي إبراهام هينكيلمان طبعة للمصحف في مدينة هامبورغ، عُدت أول نسخة كاملة مطبوعة باللغة العربية في أوروبا. وجاءت الطبعة في 560 صفحة مع هوامش باللغة الإنجليزية، لكنها تضمنت أخطاءً في أسماء السور، ونقصاً في بعض الآيات، بل ووصفت النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في العنوان بالـ”نبي الزائف”، ما كشف عن نزعة عدائية واضحة. ولا تزال بعض نسخها محفوظة في مراكز بحثية، بينها مركز الملك فيصل بالرياض.
وفي القرن التاسع عشر، واصل المستشرق الألماني غوستاف فلوغل مسار طباعة المصحف، فأصدر عام 1834 نسخة جديدة في مدينة لايبزيغ، ثم أعاد طبعها عدة مرات حتى عام 1869، مضيفاً إليها كتاباً بعنوان نجوم الفرقان في أطراف القرآن (1842) كفهرس موضوعي لألفاظه. ورغم جودة هذه الطبعة وانتشارها بين الباحثين الأوروبيين، إلا أنها خالفت قواعد الرسم العثماني، وخلطت بين القراءات القرآنية، كما شابتها أخطاء في عدد الآيات والفواصل.
ويشير الباحث الدكتور أمين القاسم، المتخصص في تاريخ المنطقة، إلى أن دراسة هذه المحطات المبكرة من طباعة المصحف في أوروبا تكشف جانباً مهماً من علاقة المستشرقين الألمان بالقرآن الكريم، حيث تراوحت بين الاهتمام العلمي والرغبة في التشويه، لتبقى تلك الطبعات المبكرة شاهداً على تعقّد صورة الإسلام في الوعي الغربي منذ قرون.