العراق

العراق يتجه إلى 75 مليون نسمة وسط تحذيرات من تحديات كبرى وفرص محتملة للنمو

العراق يتجه إلى 75 مليون نسمة وسط تحذيرات من تحديات كبرى وفرص محتملة للنمو

يشهد العراق زيادة سكانية متسارعة تبلغ نحو 2.5% سنوياً، أي ما يعادل أكثر من مليون نسمة كل عام، ليتجاوز عدد سكانه حاليًا 46 مليون نسمة وفق نتائج التعداد العام للسكان الذي أُجري في عام 2024. وتشير تقديرات دولية إلى أن هذا العدد قد يصل إلى نحو 75 مليون نسمة بحلول عام 2050.
ويرى خبراء في الشأن الاقتصادي والديموغرافي أن هذه الزيادة تمثل “عبئاً آنياً وفرصة مستقبلية” في آن واحد، إذ ترتبط نتائجها بقدرة الدولة على تحويلها من أزمة إلى رافعة للتنمية. فالزيادة السكانية تضغط بقوة على الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وإسكان، وتزيد من الاختناقات في البنية التحتية الحضرية، فيما تسجل معدلات البطالة العامة قرابة 15% وترتفع بين الشباب إلى نحو الثلث.
في المقابل، يؤكد مختصون أن هذه الديناميكية يمكن أن تتحول إلى “عائد ديموغرافي” إذا ما جرى توجيهها عبر سياسات ذكية، أبرزها تعزيز التعليم المهني والتقني وربطه بسوق العمل، وتوسيع مشاركة المرأة والشباب في النشاط الاقتصادي، إلى جانب تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط. كما أن ارتفاع الطلب الاستهلاكي المرتبط بالنمو السكاني يمكن أن يحفّز القطاعات غير النفطية مثل التجارة والسياحة والصناعات الخفيفة.
لكن الضغوط على الموارد الطبيعية، ولا سيما المياه والطاقة، تبقى التحدي الأبرز، إذ يُتوقع أن يتراجع نصيب الفرد من المياه إلى مستويات حرجة بفعل التغير المناخي وتزايد الاستهلاك. كما يؤدي التوسع السكاني إلى تراجع مستوى الخدمات الصحية والتعليمية، ما قد يعيق تطوير رأس المال البشري اللازم لتحقيق التنمية المستدامة.
الحكومة العراقية سبق أن أطلقت في عام 2024 “الوثيقة الوطنية للسياسة السكانية”، التي تضمنت 11 محوراً لمعالجة هذه القضايا، وشملت خططاً متعلقة بالصحة والتعليم والسكن وتمكين الشباب والمرأة ودعم الفئات الهشة، إلى جانب مواجهة آثار التغير المناخي. وقد جرى دمج هذه السياسة في الخطة الخمسية للسنوات 2024-2028.
ويؤكد مراقبون أن استثمار “الانفجار السكاني” لصالح الاقتصاد الوطني يتطلب خريطة عمل واضحة تقوم على إصلاح التعليم، وتوسيع البنية التحتية المولّدة للوظائف، وتنفيذ مشاريع خدمية كبرى في مجالات الطرق والمياه والكهرباء والإسكان، فضلاً عن تعزيز الحوكمة والحد من الفساد لضمان كفاءة الاستثمارات.
وبينما تتصاعد التحديات، يبقى الرهان على تحويل الزيادة السكانية من مصدر ضغط إلى فرصة للنمو، عبر إدارة رشيدة توازن بين حجم السكان وطاقات الدولة وقدراتها التنموية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى