الأمم المتحدة تطلق إنذارًا عالميًا: الذكاء الاصطناعي بين أمل البشرية وتهديد وجودها

الأمم المتحدة تطلق إنذارًا عالميًا: الذكاء الاصطناعي بين أمل البشرية وتهديد وجودها
وسط تسارع مذهل في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، انطلقت في مدينة جنيف، يوم الثلاثاء، قمة الأمم المتحدة للذكاء الاصطناعي تحت شعار “الذكاء الاصطناعي من أجل الخير”، بمشاركة ممثلين عن حكومات وشركات تقنية كبرى وأكاديميين ومنظمات مجتمع مدني. القمة، التي تستمر أربعة أيام، تسعى لبحث سبل تسخير الذكاء الاصطناعي لصالح البشرية، وتفادي مخاطره المتصاعدة، والتي باتت تهدد الأمن والخصوصية والعمل والسلام العالمي.
وفي كلمتها الافتتاحية، شددت دوريين بوغدان-مارتن، رئيسة الاتحاد الدولي للاتصالات، على أن الخطر لا يكمن في “سيطرة الذكاء الاصطناعي على البشر”، بل في الاندفاع غير المنضبط نحو دمجه في كل مفاصل الحياة دون وعي كافٍ بتأثيراته. وأضافت أن البشرية باتت تعيش في “عصر جيل الذكاء الاصطناعي”، في ظل أنظمة قادرة على اتخاذ قرارات مستقلة، مما يفرض الحاجة الملحة إلى أطر حوكمة صارمة.
القمة تناولت قائمة طويلة من التهديدات المحتملة، أبرزها: التمييز الخوارزمي، انتشار المعلومات المضللة، اتساع الفجوة الرقمية، تقويض الخصوصية، وخطر الاستغناء عن القوى العاملة. كما تزايدت المخاوف من استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض إجرامية أو عسكرية أو إرهابية، وهي مخاوف سبق أن عبّر عنها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، واصفًا الذكاء الاصطناعي بأنه “سلاح ذو حدين قد يسهم في التنمية كما قد يُستخدم في تدمير المجتمعات”.
ضعف التشريعات
وتشير بيانات الاتحاد الدولي للاتصالات إلى أن 85% من دول العالم لا تمتلك أي استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، ما يهدد بتعميق الانقسامات الاقتصادية والتقنية بين الدول، ويقوض فرص التنمية المتوازنة.
ويخصص اليوم الثاني من القمة لبحث إمكانات الذكاء الاصطناعي في تحسين الرعاية الصحية، من خلال تقنيات فرز الطوارئ وتشخيص العيادات الريفية، إلى جانب مراجعة موجز تقني تصدره منظمة الصحة العالمية حول استخدام الذكاء الاصطناعي في الطب التقليدي.
أما يوم الخميس، فسيركّز على ملف حوكمة الذكاء الاصطناعي، ويأمل المنظمون أن يشكل هذا اليوم انطلاقة نحو بناء آليات رقابية وتنظيمية دولية تُقلّص من الفجوة الرقمية وتضمن استخدامًا عادلًا وآمنًا لهذه التكنولوجيا.
تكريم من يخدمون الإنسان
وأكدت الأمم المتحدة في أكثر من مناسبة أن مستقبل الذكاء الاصطناعي لا يجب أن يُترك للمصادفة أو مصالح الشركات، بل يجب أن يُدار وفق قواعد أخلاقية وتشريعات صارمة تضمن أن تبقى هذه التقنية أداة لخدمة الإنسان، لا للهيمنة عليه أو تهديده. وفي ظل التقدم المتسارع، تُعد هذه القمة لحظة حاسمة في صياغة مستقبل مشترك بين التكنولوجيا والإنسانية.