راهبات متورطات.. إيرلندا تبدأ التنقيب في مقبرة جماعية تضم رفات مئات الأطفال

راهبات متورطات.. إيرلندا تبدأ التنقيب في مقبرة جماعية تضم رفات مئات الأطفال
بعد نحو عقد من كشفها عن وجود مقبرة جماعية تضم رفات 796 طفلًا توفوا في دار للأمهات العازبات تديرها راهبات كاثوليكيات، بدأت السلطات الإيرلندية أخيرًا أولى خطوات استخراج الرفات في بلدة توام غرب البلاد، في واحدة من أكثر القضايا صدمة في تاريخ البلاد الحديث.
المؤرخة الإيرلندية كاترين كورليس، التي فجّرت القضية عام 2014، أكدت لوكالة فرانس برس أن أبحاثها آنذاك لم تجد آذانًا صاغية، ووصفت جهودها بأنها «معركة ضارية» لإجبار الدولة والكنيسة على الاعتراف بالمأساة. وقالت: «لم يكن هناك سجلات دفن، ولا شواهد، ولا صليب، لا شيء إطلاقًا… توسلت إليهم أن يمنحوا هؤلاء الأطفال دفنًا مسيحيًا لائقًا».
دار الرعاية التي كانت تقع في بلدة توام، وأدارتها راهبات كاثوليكيات، استقبلت آلاف الأمهات العازبات بين عامي 1922 و1998، في إطار منظومة اجتماعية ودينية كانت تتعامل مع الأطفال المولودين خارج الزواج باعتبارهم «غير شرعيين». وتشير التحقيقات إلى أن كثيرًا من هؤلاء الأطفال تُوفي نتيجة الإهمال أو سُلموا للتبني بشكل غير قانوني، خاصة إلى الخارج.
ورغم العثور الأولي على الرفات بين عامي 2016 و2017، لم تُصدر الحكومة قانونًا رسميًا للبدء بأعمال التنقيب إلا في عام 2022. وفي العام التالي، تم تعيين فريق مختص لقيادة عمليات الحفر، وتحديد الهوية باستخدام الحمض النووي، تمهيدًا لدفن الأطفال بطريقة لائقة تليق بكرامتهم الإنسانية.
قصة آنا كوريغان، إحدى النساء اللواتي اكتشفن لاحقًا أن والدتهن أنجبت طفلين في توام، جسّدت حجم الألم. تقول آنا إنها لا تعرف ما إذا كان أحد أخويها على قيد الحياة أو دُفن في تلك المقبرة، وتتهم السلطات بـ”التسويف” و”إخفاء الحقيقة”.
من جهتها، عبّرت كورليس عن ارتياح مشوب بالحذر، قائلة: «لم أتخيل يومًا أن يأتي هذا اليوم… لكن التنقيب لن يقدم كل الأجوبة». وأضافت: «بعض العائلات قد تجد السلام، لكن كثيرين سيبقون بلا إجابة».
القضية أعادت تسليط الضوء على الوجه المظلم لتاريخ المؤسسات الدينية والاجتماعية في إيرلندا، وأثارت تساؤلات عميقة حول مسؤولية الدولة والكنيسة في ممارسات استمرت لعقود ووصمت آلاف النساء والأطفال، وحرمتهم من أبسط حقوقهم في الحياة والكرامة والعدالة.