باكستان

مسلمو التبت في كشمير.. حكاية ستة عقود من الثبات على العقيدة والكرامة في وجه الإغراءات

مسلمو التبت في كشمير.. حكاية ستة عقود من الثبات على العقيدة والكرامة في وجه الإغراءات

في زاوية هادئة من التاريخ، وفي مشهد يطغى عليه الصمت وتكتبه يد الإيمان، تمتدّ في كشمير حكاية قلّما تُروى عن شعب آثر المنفى على التفريط بدينه، إنها قصة مسلمي التبت الذين رفضوا، قبل أكثر من ستين عامًا، إغراءات صينية للتخلي عن الإسلام مقابل الامتيازات، واختاروا أن يحملوا عقيدتهم إلى أرض أجدادهم في كشمير.
عام 1961، وفي رحلة محفوفة بالمخاطر، تسلّل المئات منهم سرًّا عبر الحدود، فرارًا من سياسة تضييق خانقة، ليصلوا إلى سريناغار وفي قلوبهم القرآن، وفي وجدانهم التبت. استقرّوا أولًا في خيام بسيطة بمنطقة عيدجاه، لكنهم لم يستسلموا. بالتدريج، أسّسوا مجتمعًا نابضًا في منطقة هاوال، شيدوا المساجد والمدارس، وحافظوا على تراثهم وكرامتهم، وعلّموا أبناءهم أن الإيمان لا يُشترى.
رغم الفقر والإقصاء السياسي لعقود، أبدع مسلمو التبت في الحِرَف والتطريز، ورفضوا الاستسلام للظلم أو الذوبان في التيارات المفروضة. كانوا محرومين من فرص العمل والاعتراف القانوني، حتى جاء التغيير عام 2019، مع إلغاء المادة 370، ليفتح أمامهم بابًا جديدًا للحياة، عبر بطاقات الإقامة وحقوق المواطنة التي طالما انتظروها.
لكن الأهم من كل ذلك، أنهم صمدوا على المبدأ. لم يساوموا على دينهم، ولم يبدّلوا عقيدتهم برفاهية زائلة. واليوم، صار منهم الأطباء والمهندسون ورجال الأعمال، وتماهت ثقافتهم الإسلامية المشرقة مع نسيج المجتمع الكشميري، لتبقى قصّتهم شاهدًا حيًا على أن الكرامة الدينية أثمن من كل إغراء، وأن المنفى أهون من فقدان الإيمان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى