أفريقيا

الحرب في السودان تترك آثارًا نفسية واجتماعية عميقة على الأطفال وسط تحذيرات من فقدان جيل كامل

الحرب في السودان تترك آثارًا نفسية واجتماعية عميقة على الأطفال وسط تحذيرات من فقدان جيل كامل

تتواصل تداعيات الحرب المستمرة في السودان منذ نيسان/أبريل 2023، لتطال الأطفال بشكل خاص، مخلّفة آثارًا نفسية واجتماعية خطيرة تهدد حاضرهم ومستقبلهم، وسط دعوات متزايدة لتوفير الدعم النفسي العاجل، خصوصًا في مناطق النزاع والعاصمة الخرطوم.
ويحذّر مختصون في علم النفس من أن مشاهد الحرب والرعب التي تعرض لها الأطفال قد ترافقهم مدى الحياة، مؤكدين على ضرورة الدفع بأخصائيين نفسيين للعمل في المدارس، لمساعدة الأطفال على تجاوز الصدمة والاندماج في واقعهم الجديد.
وقالت الأخصائية النفسية أسيلة محمد إن الأطفال الذين ظلوا في مناطق النزاع، أو نزحوا منها لاحقًا، يعانون من اضطرابات حادة كالخوف والقلق، نتيجة لأصوات المدافع والرصاص، فضلاً عن الصدمات الناتجة عن فقدان أقاربهم ومشاهدة مناظر مرعبة. وأضافت أن شخصية الأطفال تغيرت بمرور الوقت، فأصبحوا أكثر عدائية ويميلون إلى ألعاب الحرب، ويتحدثون بلغة عسكرية، ما يشير إلى تحول سلوكي مقلق.
وأكدت أن كثيرًا من الأطفال باتوا يفتقرون إلى الشغف بالدراسة، ويركزون في حديثهم على الصراعات، ويعبّرون عن رغبتهم في أن يكونوا جنودًا أو مقاتلين، وهو ما ينذر بتشوهات في البناء النفسي والاجتماعي للطفل.
من جهتها، أوضحت رئيسة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل، سليمة إسحق، أن الحرب وضعت الأطفال في ظروف استثنائية خطيرة، وأفقدتهم آليات الحماية الأساسية، وعلى رأسها التعليم. وأضافت أن النزوح يعرض الأطفال لمخاطر كبيرة، من بينها الاستغلال والاتجار بالبشر، لافتةً إلى أن أوقات الحروب تُعد بيئة مناسبة لنشاط عصابات الإتجار.
وشددت إسحق على أهمية إدماج الدعم النفسي ضمن المنظومة التعليمية، قائلة إن المدارس يجب أن تتحول إلى بيئات حامية تقدم الرعاية النفسية والمساعدة على التعافي. وكشفت عن مشروع كبير تعمل الجهات المختصة على تنفيذه لتحسين الخدمات النفسية لعدد من الفئات، وعلى رأسهم الأطفال.
وكانت منظمة اليونيسف قد حذّرت من أن السودان يواجه خطر فقدان جيل كامل من الأطفال، مشيرة إلى أن أكثر من 16 مليون طفل بحاجة ماسة إلى المساعدة، فيما لا يزال نحو 17 مليونًا خارج المدارس منذ عامين.
وفي ظل استمرار الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يتفاقم وضع الأطفال يومًا بعد آخر، في غياب أفق واضح للحل، ومع ضعف إمكانيات الدعم النفسي والاجتماعي، الأمر الذي يستدعي تحركًا دوليًا عاجلاً لإنقاذ ما تبقى من طفولتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى