أوروبا

تلميذات محجبات يشعلن عاصفة سياسية في البرلمان الفرنسي بين العلمانية وحرية المعتقد

تلميذات محجبات يشعلن عاصفة سياسية في البرلمان الفرنسي بين العلمانية وحرية المعتقد

أثارت حادثة ظهور تلميذات صغيرات يرتدين الحجاب داخل مدرجات الجمعية الوطنية الفرنسية خلال جلسة برلمانية الأسبوع الماضي، عاصفةً سياسية وإعلامية جديدة كشفت عمق الانقسام في فرنسا حول مفهوم العلمانية وحدودها في الفضاء العام.
القصة بدأت بصورة انتشرت على نطاق واسع تُظهر مجموعة من التلميذات المحجبات بين صفوف الجمهور، ما أثار موجة انتقادات حادة، خاصة بعد تصريح رئيسة الجمعية الوطنية يائيل براون-بيفيه التي وصفت وجودهن بأنه “غير مقبول”، مذكّرة بأن البرلمان نفسه كان قد أقرّ قانون عام 2004 الذي يحظر الرموز الدينية في المدارس العامة.
بدوره، اعتبر رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه أن الحادثة “تمسّ أعراف الجمهورية”، مشدداً على ضرورة احترام مبدأ العلمانية في مؤسسات الدولة. أما نواب حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف فاستغلوا الواقعة لمهاجمة الوجود الإسلامي في فرنسا، إذ وصف النائب جوليان أودول المشهد بأنه “استفزاز شنيع”، فيما قال زميله إيدي كاسترمان إن “ما هو محظور في مدارسنا لا يمكن أن يُسمح به في معبد الديمقراطية”.
في المقابل، دافع نواب اليسار عن الفتيات وانتقدوا ما وصفوه بـ”هوس الإسلاموفوبيا المؤسسية”، حيث قالت النائبة دانييل أوبونو من حركة فرنسا الأبية: “إنها صورة للإسلاموفوبيا تُبثّ مباشرة من قاعة البرلمان في تحالف واضح بين الماكرونية واليمين المتطرف”. وأضاف النائب أنطوان لياومان أن “لا وجود لأي قانون يمنع ارتداء الحجاب داخل الجمعية الوطنية”، فيما تساءل زميله بول فانبيه: “كيف تُستهدف فتيات صغيرات جئن ببساطة لزيارة البرلمان؟”.
كما أدانت مارين تونديليه من حزب الخضر التصريحات المناهضة للحجاب، ووصفتها بأنها “تجسيد صريح للإسلاموفوبيا”، مشيرة إلى أن دخول الفتيات تم وفق القواعد، ولو كان الحجاب محظوراً لما سُمح لهنّ بالدخول.
وأوضح الباحث في علم الاجتماع السياسي فيصل إزدارن أن التلميذات كنّ ضيفات لنائب برلماني وأنهن يدرسن في مدرسة دينية خاصة، وبالتالي لا يشملهن قانون العلمانية المتعلق بالمدارس العامة، مؤكداً أن “لا وجود لأي قانون يمنع الرموز الدينية للزوار داخل البرلمان”، معتبراً الجدل “محاولة لصرف الأنظار عن النقاش الساخن حول مشروع قانون الميزانية”.
وقد أعادت هذه الواقعة النقاش المتجدد في فرنسا حول التوازن المعقد بين قيم الجمهورية والعلمانية من جهة، وحرية المعتقد والتعبير من جهة أخرى، في قضية يبدو أنها ستبقى مفتوحة ما دامت الهوية الفرنسية نفسها موضع جدل دائم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى