مجموعة الأزمات تحذر: الاتحاد الأوروبي أمام أعوام صعبة في السنوات المقبلة

مجموعة الأزمات تحذر: الاتحاد الأوروبي أمام أعوام صعبة في السنوات المقبلة
حذّرت رئيسة مجموعة الأزمات الدولية، كومفورت إيرو، من أن السنوات المقبلة قد تكون الأصعب على الاتحاد الأوروبي منذ عقود، مشيرةً إلى أن القارة تواجه تحديات مزدوجة تتمثل في موازنة متطلبات الأمن الجماعي مع مخاطر الانقسام الداخلي وتراجع الثقة بالدور التقليدي للولايات المتحدة الأميركية كضامن لأمن القارة.
وأوضح التقرير أن الاتحاد الأوروبي يعيش منذ مطلع 2025 حالة من “الاختبار السياسي” المستمر في ظل توازن هش بين موسكو وواشنطن، إذ يواجه الأوروبيون معضلة مزدوجة تشمل الحاجة إلى ردع روسيا دون الانزلاق إلى مواجهة مباشرة، والحفاظ على وحدة حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وأشار التقرير إلى استمرار روسيا في اختبار صبر الحلفاء الأوروبيين من خلال تكثيف الهجمات السيبرانية والتوغلات الجوية، كما حصل في سبتمبر الماضي عندما دخلت طائرات ميغ-31 الأجواء الإستونية، وأرسلت موسكو سرباً من الطائرات المسيّرة نحو بولندا، في حين تنفي روسيا هذه الاتهامات معتبرةً أن التوتر جزء من استراتيجية ضغط على أوروبا.
في المقابل، تتراجع الولايات المتحدة عن دورها التقليدي كضامن رئيسي للأمن الأوروبي، مع تزايد الشكوك بشأن انسحاب واشنطن من الناتو. ورغم تأكيد الرئيس السابق ترامب أن بلاده لم تنسحب من الحلف، فإن تصريحاته المتكررة تثير قلق العواصم الأوروبية وتضعف الثقة في استمرارية الوضع القائم.
ويشير التقرير إلى أن أوروبا تحاول الموازنة بين الحفاظ على الردع في مواجهة روسيا وتجنّب التصعيد العسكري، إلى جانب إدارة العلاقة المعقدة مع إدارة ترامب، التي تعتمد نهجاً براغماتياً يقوم على الصفقات أكثر من المبادئ، ما يضع القارة في معادلة دقيقة بين الحذر والتعاون.
واستعرض التقرير أبرز الملفات التي تواجه القادة الأوروبيين حالياً، والتي تشمل ثلاثة محاور مترابطة هي: الحرب في أوكرانيا والعلاقة مع الولايات المتحدة والرسوم الجمركية والتجارة.
وأكد التقرير أن أوروبا تستعد لخوض حرب استنزاف طويلة الأمد في أوكرانيا، مدركةً أن المعركة لن تحسم عسكرياً، وأن الدعم الأوروبي المستمر سيتطلب صبراً استراتيجياً طويلاً، وسط ارتفاع التكاليف المالية وفتور الدعم الأميركي. كما أشارت مجموعة الأزمات إلى الضغوط الداخلية المتنامية في بعض الدول الأوروبية نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة وتزايد الأعباء المالية، مما يهدد تماسك الإجماع الأوروبي في الملف الأوكراني.
وأشار التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي يواجه تحديات خارج حدود القارة أيضاً، بما فيها تصاعد النزاع في اليمن والبحر الأحمر، وتفاقم هشاشة الوضع في الصومال، والتوترات السياسية في كوسوفو، والضغوط الأميركية على المكسيك لإصلاح قطاعها الأمني. وأكدت مجموعة الأزمات أن استثمار الموارد الأوروبية في هذه الملفات يمكن أن يحد من تفاقمها ويعزز قدرة القارة على لعب دور التوازن والاستقرار في النظام الدولي.
وأشار التقرير في ختام توصياته إلى أن قدرة الاتحاد الأوروبي على دعم الحلول السلمية وبناء القدرة على الصمود في المناطق المتأثرة بالنزاعات ستظل عنصراً حاسماً في الحفاظ على دوره كقوة مؤثرة في الأمن والاستقرار الدوليين، في ظل تراجع ركائز السلام التقليدية وغياب الضامن الأميركي القوي.




