أوروبا

قبور بلا أسماء لمسلمين تتحول إلى رمز للتسامح والتاريخ المشترك في إيرلندا

قبور بلا أسماء لمسلمين تتحول إلى رمز للتسامح والتاريخ المشترك في إيرلندا

في خطوة إنسانية وثقافية مميزة، أعلن مجلس مدينة بلفاست في أيرلندا الشمالية عن تشييد نصب تذكاري لتكريم المسلمين المجهولين الذين وُوريت أجسادهم في مقبرة المدينة قبل نحو قرن، دون أن تحظى قبورهم بشواهد تخلّد ذكراهم.
ويقع النصب في مقبرة “غليندالينا”، حيث يرقد أحد عشر مسلمًا، معظمهم من البحارة الذين قدموا من بلدان بعيدة للعمل في الموانئ الأيرلندية، باحثين عن رزقهم وخدمة المجتمع المحلي. ولعقود طويلة، طواهم النسيان، حتى جاءت هذه المبادرة لإعادة حقهم في الذكرى والتقدير، وإظهار أثرهم الحضاري في تاريخ المدينة.
وأوضح المجلس البلدي أن النصب يحمل رسالة أعمق من مجرد تكريم الأموات، فهو يرمز إلى قيم التسامح والعدالة والاحترام بين الأديان والثقافات، مؤكداً أن الإسلام لم يكن يومًا غريبًا عن أيرلندا، بل له جذور ممتدة عبر قرون من التبادل الإنساني والحضاري والبحري. ويأتي النصب كتأكيد على دور المسلمين في بناء جسور التلاقي بين الشرق والغرب، وعلى مساهمتهم في إثراء الحياة الاجتماعية والثقافية للمدينة.
وسيضم النصب لوحة تعريفية بأسماء هؤلاء المسلمين المجهولين، لتبقى ذكراهم حاضرة في الوعي العام، ولتكون شهادة على التعايش والتنوع الذي يميز المجتمع البلفاستي. ويعكس المشروع أيضًا اهتمام السلطات المحلية بالحفاظ على الذاكرة التاريخية لجميع سكان المدينة، بغض النظر عن أصلهم أو ديانتهم، ويأتي كخطوة رمزية لتعزيز قيم الاحترام المتبادل والتضامن بين مختلف المكونات الدينية والثقافية.
واعتبر مراقبون أن هذه المبادرة تشكل نموذجًا رائدًا للتعامل مع التاريخ المشترك، إذ تعكس تقدير المجتمعات الحديثة لأهمية الاعتراف بمساهمات الأقليات المسلمة في الماضي، وتبرز قدرة التذكير بالإنجازات الإنسانية على ربط الأجيال الحالية بالقيم الأخلاقية والإنسانية المشتركة.
كما أعرب عدد من الشخصيات الثقافية والدينية في إيرلندا عن ترحيبهم بالمشروع، مؤكدين أن هذه الخطوة تعزز من فهم الإسلام كدين تسامح وسلام، وتكشف عن عمق الروابط التاريخية بين المجتمعات الأوروبية والمسلمين، بما يعزز روح الانفتاح والتعايش الاجتماعي في أيرلندا الشمالية وخارجها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى