خلف ستار التخطيط العمراني.. خطط بناء مسجد جديد في بلدة بريطانية تكشف عن تصاعد “رهاب المساجد”

خلف ستار التخطيط العمراني.. خطط بناء مسجد جديد في بلدة بريطانية تكشف عن تصاعد “رهاب المساجد”
فجّرت خطط بناء مسجد جديد في بلدة دالتون إن فورنيس البريطانية موجة من الجدل الحاد، كشفت ما يتجاوز الاعتراضات العمرانية المعتادة، لتفضح فوبيا متزايدة تجاه الوجود الإسلامي المتنامي في البلاد، في ظاهرة وصفها باحثون بـ”رهاب المساجد”.
المشروع، الذي تموله مجموعة من الأطباء المسلمين في منطقة تفتقر لأي مسجد قريب، وُوجه برفض واسع النطاق من بعض السكان المحليين، رغم أن تصميمه يخلو من المئذنة ولا يبتعد عن الطابع المعماري العام للبلدة. وقد استُخدمت ذرائع تتعلق بـ”الحفاظ على الهوية” و”الطابع البريطاني” كمبررات ظاهرية، فيما يرى مراقبون أن جوهر الرفض يرتبط بمخاوف ثقافية أعمق تُغذّى من قبل أطراف متطرفة.
ويقول ناشطون ومحللون إن هذا النمط من الاعتراض لم يعد حالة معزولة، بل يتكرر في مدن بريطانية عدة، من ليستر إلى هاروغيت، حيث تُقابل مشاريع المساجد بموجات رفض مشابهة، يرافقها خطاب تحريضي مموّه بلبوس إداري، في ما يشير إلى محاولات منهجية لإقصاء المسلمين من الفضاء العام.
وأكد أكاديميون أن ما يُطلق عليه “رهاب المساجد” لا يقتصر على رفض المآذن أو مخاوف الضجيج، بل يستهدف في عمقه رمزية وجود المسلمين وحقهم في ممارسة الشعائر ضمن المشهد المدني البريطاني، موضحين أن أي حديث عن مسجد – ولو بصيغة متزنة – يستدعي فورًا عاصفة من الريبة والاعتراض.
وتُظهر الإحصاءات الرسمية، في المقابل، أن المسلمين يمثلون نحو 7% من سكان بريطانيا، ويُسجل لهم حضور متنامٍ في مجالات التعليم، والرعاية الصحية، والخدمة المدنية. كما أن الكثير من المبادرات المجتمعية التي يقودها مسلمون تركز على دعم الفئات الضعيفة وتعزيز التكافل الاجتماعي.
ويرى مراقبون أن تصاعد هذه المواقف يعكس أزمة هوية أعمق تمر بها بعض المجتمعات الغربية، حيث يُنظر إلى التعددية الثقافية – رغم كونها من ركائز الديمقراطية – كتهديد بدلاً من كونها فرصة للثراء المجتمعي.
في هذا السياق، تتزايد الدعوات لمراجعة الخطاب الإعلامي والسياسي المحيط بقضايا التخطيط العمراني والدين، والتمييز بوضوح بين النقاشات المشروعة حول البنية التحتية، وبين التحريض المقنّع الذي يستهدف مجتمعات بعينها تحت مسميات “الحفاظ على الطابع المحلي”.