تقرير صادم: مسلمو جورجيا بين الاعتراف بالهوية والتغييب بالواقع

تقرير صادم: مسلمو جورجيا بين الاعتراف بالهوية والتغييب بالواقع
في تقرير ميداني كشف النقاب عن واقع متأزم، أُثيرت مجددًا قضية التمييز الديني الذي يعانيه المسلمون في جورجيا، لا سيما في منطقة أجاريا جنوب غرب البلاد، حيث يواجه السكان المسلمون معاناة مزمنة تتراوح بين الإقصاء المؤسسي والتهميش المجتمعي، في وطن يُفترض أن يتسع للجميع.
وبحسب التقرير، فإن المسلمين في جورجيا، رغم كونهم مواطنين أصليين عاشوا لقرون على تراب البلاد، ما زالوا يُعاملون باعتبارهم غرباء عن النسيج الوطني، إذ يُشار إليهم أحيانًا بازدراء بمصطلحات مثل “تتار”، في إيحاء استعلائي يصوّرهم كغزاة لا شركاء في الوطن.
وفي منطقة أجاريا، التي تسكنها غالبية مسلمة، يواجه الأهالي تضييقات دينية صارخة، من أبرزها رفض السلطات المتكرر منح تراخيص لتوسعة المساجد أو بناء مرافق دينية جديدة، رغم اكتظاظ المصلين. وفي مدينة باتومي الساحلية، يلجأ المسلمون لأداء صلواتهم في العراء تحت الأمطار والشمس، بسبب غياب مسجد يتسع للأعداد الكبيرة، في مشهد قال عنه التقرير إنه “يرمز إلى الغياب الرسمي أكثر مما يعبّر عن نقص الموارد”.
ويشير التقرير إلى أن جورجيا، التي تُعد ثاني أقدم دولة اعتنقت المسيحية رسميًا في التاريخ، تبدو اليوم أسيرة رؤية ضيقة للهوية، تنظر للإسلام لا باعتباره جزءًا من التعدد الجغرافي والتاريخي، بل كعنصر دخيل، رغم أن المسلمين عاشوا لقرون في البلاد جنبًا إلى جنب مع جيرانهم المسيحيين.
وفي الوقت الذي تروّج فيه الدولة لصورة تعايش ديني في محافلها الدولية، تعكس الوقائع الميدانية تناقضًا صارخًا، حيث يُحرم المسلمون من الإنصاف في المناهج التربوية، ويغيب تمثيلهم في المؤسسات الدينية الرسمية، فيما يتعرض بعضهم لحملات تشويه إعلامي صامتة، تغذي الشك في ولائهم وتربطهم بتاريخ الإمبراطورية العثمانية بدلاً من جذورهم القوقازية العريقة.
ويطالب ناشطون ومؤسسات حقوقية بضرورة إنهاء هذا التغاضي المنهجي عن حقوق المسلمين في جورجيا، وضمان حرية العبادة الكاملة، والاعتراف بالمكوّن الإسلامي كجزء أصيل من الهوية الوطنية، لا كظلّ تاريخي يُراد طمسه.
التقرير الذي وصفه مراقبون بأنه “ناقوس خطر صامت”، دعا إلى تحرك دولي لضمان احترام جورجيا لالتزاماتها الحقوقية، خاصة أن الحريات الدينية تمثل مقياسًا جوهريًا لأي ديمقراطية حقيقية.