من لُعبة إلى أداة نفوذ ناعم.. كيف تسللت “لابوبو” الصينية إلى الأسواق الأوروبية؟

من لُعبة إلى أداة نفوذ ناعم.. كيف تسللت “لابوبو” الصينية إلى الأسواق الأوروبية؟
برزت دمية “لابوبو” الصينية، في السنوات الأخيرة، كأحد رموز القوة الناعمة الجديدة القادمة من الشرق، بعد أن تحوّلت من لعبة صغيرة ضمن “علب مفاجئة” إلى ظاهرة ثقافية وتجارية في الأسواق الأوروبية، بالتزامن مع تصاعد التوترات الاقتصادية بين بكين وبروكسل.
ظهرت شخصية لابوبو لأول مرة عام 2019، من تصميم الفنان التايواني كاسينغ لونغ، ضمن سلسلة مفاجآت تنتجها شركة “بوب مارت” الصينية، وتعتمد على نموذج بيع يراهن على التشويق، حيث لا يُعرف محتوى العلبة إلا بعد فتحها. وبحسب مراجعة نشرتها كلية الصين وأوروبا الدولية لإدارة الأعمال (CEIBS) في يونيو/ حزيران 2024، أدى هذا الأسلوب إلى رفع معدلات الشراء المتكرر بأكثر من 35٪، خاصة لدى الفئة العمرية من 18 إلى 35 عامًا في أوروبا وآسيا.
وتسارع انتشار لابوبو عالميًا بعد ظهورها في مقتنيات عدد من النجمات والمشاهير، الأمر الذي انعكس على أداء شركة بوب مارت، التي سجّلت ارتفاعًا في المبيعات بنسبة 42٪ خلال الربع الثاني من عام 2024، وفقًا لتقرير نشره موقع “أرابيان بزنس”.
وساعدت ظاهرة “الخوف من فوات الفرصة” (FOMO)، المدفوعة بمحتوى منصات التواصل الاجتماعي، في تعزيز الطلب على هذه الدمى. مئات الفيديوهات المنتشرة على تيك توك ويوتيوب تُظهر لحظات فتح العلب وتبادل الشخصيات، ما يكرّس لدى المتابعين شعورًا بالندرة والتميز، في ظل توفرها بنُسخ محدودة ضمن مجموعات حصرية أو إصدارات موسمية.
لكن النجاح لم يكن خاليًا من العوائق؛ فقد حذّرت تقارير إعلامية أوروبية من انتشار نسخ مقلدة تُباع تحت اسم “لافوفو”، ما أثار مخاوف بشأن جودة المواد وسلامة المستهلك. ودعت هيئات حماية المستهلك في دول مثل بلجيكا وإسبانيا إلى إعادة النظر في معايير استيراد ألعاب المفاجآت من شرق آسيا.
وعلى الجانب الثقافي، رأت تحليلات صادرة عن إذاعة “CGTN” الصينية في يونيو/ حزيران 2025، أن دمى لابوبو لم تعد مجرد منتج ترفيهي، بل أصبحت أداة ضمن استراتيجية صينية أوسع لتصدير صورة ناعمة عن هوية البلاد من خلال التصميم والفن، بعيدًا عن الخطاب السياسي التقليدي.
وباتت هذه الألعاب تُباع في سلاسل أوروبية كبرى مثل “فناك” الفرنسية و”أمازون”، فيما ظهرت مجتمعات رقمية أوروبية لتبادل واقتناء هذه الدمى، بعضها يُعرض للبيع بأسعار تصل إلى 300 يورو للنسخة الواحدة، وفق ما أفاد به تقرير موقع People.cn في يوليو/ تموز 2024.
مع اتساع ظاهرة لابوبو، تتجلى ملامح معركة صامتة بين الثقافة الصينية الناعمة والأسواق الغربية، حيث تصبح لعبة صغيرة أداة تأثير عابر للحدود، وتطرح تساؤلات عميقة حول مستقبل التداخل بين الاقتصاد، والهوية الثقافية، وصناعة الترفيه في زمن التنافس الدولي.