أوروبا

مسجد “شارع أشين” في جورج تاون.. مئذنةٌ للروح وقِبلةٌ للتآخي بين الأديان

مسجد “شارع أشين” في جورج تاون.. مئذنةٌ للروح وقِبلةٌ للتآخي بين الأديان

في قلب مدينة جورج تاون الماليزية، وتحديدًا على امتداد شارع ليبوه آتشيه التاريخي، يواصل مسجد “شارع أشين” أداء رسالته الحضارية بوصفه منارة للإيمان والانفتاح، مجسدًا قيم الإسلام الأصيلة في التسامح والتعايش، كما علّمها النبي محمد، صلى الله عليه وآله وسلم.
المسجد الذي بُني عام 1808 لم يُقِم جدرانه ليكون معزولًا عن محيطه، بل جعل من أبوابه مساحة مشتركة لجميع الأديان والثقافات. ففي كل عام خلال شهر رمضان، يُدعى ممثلون عن الكنائس والمعابد والهيئات الدينية المختلفة للمشاركة في مائدة إفطار رمضانية موحّدة، تعكس روح الأخوّة التي تتجاوز الحدود العقائدية.
وعند بوابته، يستقبل الزائرين لافتة بسيطة وعميقة في آن: “هذا بيت الله… مرحّب بالجميع”، في تأكيد على أن فهم الإسلام يمر عبر أبوابه الحقيقية، لا الصور النمطية المشوّهة.
ولا يكتفي المسجد بدوره الديني، إذ يفتح أبوابه للزوار في غير أوقات الصلاة، شريطة مراعاة الاحتشام، مؤكدًا احترامه للتنوع الثقافي والكرامة الإنسانية. ويضم مجمع المسجد خمس بيوت تقليدية لا تزال مأهولة، في حين تنوي الإدارة تحويل أحد البيوت الشاغرة إلى مدرسة دينية، دعمًا لمسيرته التعليمية.
ويُعد المسجد محطة تاريخية بارزة، إذ كان مأوى للحجاج والعلماء القادمين من جنوب شرق آسيا في طريقهم إلى مكة، ما أكسب المنطقة اسم “مكة الصغيرة” في القرن التاسع عشر.
وتبقى مئذنته ذات الطراز المعماري الفريد، التي تجمع بين الأصالة الإسلامية والملامح المحلية، شاهدةً على إرث مؤسّسه التاجر المسلم تونكو سيد حسين، الذي جسّد في حياته معاني التقوى والانفتاح، وترك خلفه مسجدًا لا يزال منارةً لروح الإسلام الحقيقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى