شواهد إسلامية خالدة: حضارة الإسلام تنبض من قلب إسبانيا

شواهد إسلامية خالدة: حضارة الإسلام تنبض من قلب إسبانيا
رغم مرور قرون على سقوط الحكم الإسلامي في الأندلس، لا تزال معالم الحضارة الإسلامية تفرض حضورها على المشهد الثقافي والمعماري في إسبانيا، مؤكّدة أن الإسلام لم يكن طارئًا على هذه الأرض، بل كان جزءًا أصيلاً من نسيجها التاريخي وهويتها الحضارية.
فعند أبواب غرناطة، تقف قلعة الحمراء شامخة بجدرانها الحمراء المزخرفة، شاهدة على عبقرية المعمار الإسلامي في عهد بني نصر، حيث اجتمع فيها الفن والدين والسياسة، لتشكّل نموذجًا نادرًا للمدينة الملكية المتكاملة. ورغم تغير العصور، بقيت القلعة أيقونة حضارية تستقطب الزائرين من شتى أنحاء العالم.
وفي قرطبة، ينبض الجامع الكبير بروح إسلامية لا تخطئها العين، رغم تحوّله لاحقًا إلى كنيسة. فقاعاته المتناسقة وأقواسه الشبيهة ببساتين النخيل تروي قصة روحية ومعمارية لا تزال حاضرة في الوجدان الإسباني.
أما مدينة الزهراء، التي بناها الحاكم عبد الرحمن الثالث، فتُعدّ جوهرة مطمورة قرب قرطبة، تشهد على روعة التمدّن الإسلامي، وتختزن بين أطلالها قصة مدينة فريدة شكّلت رمزًا للثراء والرفعة والجمال في الأندلس.
وفي سرقسطة، يقف قصر الجعفرية كأحد أبرز المعالم الإسلامية في شمال إسبانيا، يحمل طابعًا أندلسيًّا خالصًا بأقواسه وزخارفه، رغم تعاقب الوظائف عليه من مقر للأمراء إلى سجن لمحاكم التفتيش، وصولًا إلى استخدامه الحالي كمقر للبرلمان الإقليمي.
ولا تكتمل لوحة الحضور الإسلامي في إسبانيا دون ذكر قصر المورق في إشبيلية، الذي أعيد بناؤه لاحقًا بطراز إسلامي مستلهم من روح الحمراء، ما يجعله شاهدًا حيًّا على إعجاب الملوك المسيحيين بجماليات الفن الإسلامي وخلوده.
هذه المعالم مجتمعةً تشكّل أكثر من مجرد مواقع أثرية، بل تعبّر عن جذورٍ حضارية ضاربة في عمق التاريخ الأوروبي، وتؤكّد أن الإسلام لم يكن فترة حكم عابرة، بل حضارة صنعت الجمال، واحتفت بالعلم، ورسمت ملامح الانفتاح والعيش المشترك، في لوحة لا تزال تنبض حتى اليوم بالحياة.