حادثة مسجد بابري تتكرر: جماعة هندوسية متطرفة تستهدف قبرًا مسلمًا في أوتار براديش

حادثة مسجد بابري تتكرر: جماعة هندوسية متطرفة تستهدف قبرًا مسلمًا في أوتار براديش
تجدّدت التوترات الطائفية في شمال الهند هذا الأسبوع بعد أن حاولت مجموعة من النسوة المنتميات لجماعة قومية هندوسية متطرفة أداء طقوس دينية عند قبرٍ إسلامي تاريخي، في مشهد أعاد إلى الأذهان مأساة مسجد بابري التي لا تزال جراحها مفتوحة في الذاكرة الهندية.
ووفقاً للسلطات المحلية، وقعت الحادثة عند ضريح نواب عبد الصمد في ولاية أوتار براديش، وهو معلم تاريخي يعود إلى القرن الثامن عشر، حيث وصلت مجموعة من النساء المرتبطات بإحدى المنظمات الهندوسية اليمينية أثناء مهرجان “ديف ديوالي”، وحاولن أداء طقوسهن بالقرب من القبر بزعم أنه كان في الأصل معبدًا مخصصًا للإلهة شيفا.
تدخلت قوات الشرطة على الفور واعتقلت نحو عشرين مشاركة بعد تجاهلهن التحذيرات الإدارية ومحاولتهن خرق الطوق الأمني المفروض حول الموقع، الذي يُعد رسميًا من الآثار التراثية المحمية. وأكد أحد الضباط أن المشاركات حاولن “أداء طقوسهن بالقوة في انتهاك واضح للقانون”، مشيرًا إلى أن بلاغًا سُجِّل للحيلولة دون أي تصعيد محتمل.
وانتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع تُظهر المشاركات وهنّ يرددن شعارات هندوسية ويؤدين طقوس “آرتي” إلى جانب الضريح، ما اعتُبر استفزازًا متعمّدًا للمجتمع المسلم. ووصف سكان محليون الحادثة بأنها “جزء من حملة منظمة تهدف إلى إعادة كتابة التاريخ، لا تعبيرًا عفويًا عن الإيمان”.
وأدان قادة المجتمع المسلم الحادثة، مؤكدين أنها تأتي في سياق تصاعدي من الترهيب الديني واستهداف الرموز الإسلامية، في ظل حكومة حزب بهاراتيا جاناتا القومي الحاكم، التي تواجه اتهامات متكررة بالسعي إلى طمس المعالم الإسلامية وإعادة تسميتها بمعابد هندوسية.
وقال مولانا أحمد قريشي، أحد علماء الدين في المنطقة: “إن ضريح نواب عبد الصمد يمثل جزءًا من التراث الثقافي المشترك للهند، والاعتداء عليه يُعد مساسًا بالهوية الدينية والتاريخية معًا”.
وليست هذه الحادثة الأولى من نوعها، إذ سبق أن تعرض الضريح في أغسطس/آب 2025 لهجوم من حشود تابعة لمنظمات هندوسية متشددة، رفعت أعلام الزعفران – رمز التفوق الهندوسي – وأدت طقوسًا غير مصرح بها في المكان ذاته.
ويرى مراقبون أن مثل هذه الحوادث تعكس مشروعًا أيديولوجيًا متناميًا لإعادة تشكيل التاريخ الهندي في إطارٍ يخدم الأغلبية الهندوسية، مشيرين إلى أن النزاعات المشابهة حول مسجد جيانفابي في فاراناسي ومسجد شاهي عيدجا في ماثورا تسير على النهج نفسه.
وقال المؤرخ ظفر حسين إن ما يحدث هو “محاولة ممنهجة للاستيلاء الرمزي على السلطة تحت غطاء ديني”، مضيفًا أن “كل موقع تاريخي يُعاد تعريفه وفق رواية جديدة تُقصي الآخر وتُغيّب ذاكرته”.
وقد شددت السلطات إجراءاتها الأمنية في محيط الضريح، داعية السكان إلى ضبط النفس، وسط مخاوف من تجدد المواجهات الطائفية، فيما يرى كثير من المراقبين أن الاستهداف المتكرر للتراث الإسلامي في الهند يعكس تراجعًا خطيرًا في القيم العلمانية التي كانت تشكل أساس الدولة الحديثة.




