آسیا

أزمة الهوية الدينية للفتاة المسلمة في الهند

تحديات معاصرة وضغوط متعددة.. أزمة الهوية الدينية للفتاة المسلمة في الهند

تشهد الفتيات المسلمات في الهند تحديات متنامية تهدد هويتهن الدينية والثقافية، في ظل تصاعد تيارات قومية تعمل على دمج المجتمع الهندي في الثقافة الهندوسية المهيمنة. تُعد الفتاة المسلمة في هذا السياق هدفاً مباشراً، إذ يُنظر إليها كحلقة حساسة يمكن من خلالها التأثير على هوية الأسرة والمجتمع ككل.
الإعلام يلعب دوراً محورياً في هذه العملية، حيث تُصوَّر الفتاة المسلمة غالباً على أنها مقيدة بالعادات والتقاليد، في حين تُقدَّم صورة الفتاة التي تتخلى عن هويتها الإسلامية كرمز للتحرر والحرية، ما يخلق ضغوطاً اجتماعية وأحياناً دفعاً نحو الانسلاخ التدريجي عن الدين.
ومن أبرز مظاهر هذه التحديات ظاهرة «زواج التحول الديني»، حيث يُشترط على الفتاة المسلمة التي ترتبط بشاب هندوسي التخلي عن دينها والدخول في الديانة الهندوسية لإتمام الزواج، وهو أسلوب مستغل من قبل بعض التيارات القومية المتشددة. وقد وثقت وسائل الإعلام عدة حالات لفتيات يواجهن ضغوطاً مختلفة، من التهديد أو الضغوط العائلية، ما يوضح أن الزواج أصبح وسيلة منهجية لاستهداف الهوية الدينية.
النظام التعليمي يشكل عاملاً إضافياً لإضعاف الهوية الإسلامية، فمعظم المدارس والجامعات تقدم مناهج علمانية لا تتضمن التربية الدينية، ما يترك الطالبات المسلمات عرضة للتأثر بأفكار مادية وإلحادية. أظهرت دراسة في لكناو عام 2018 أن أكثر من 60% من الطالبات في المدارس الخاصة لم يتلقين أي مادة دينية مرتبطة بالإسلام، فيما يدرسن نصوصاً هندوسية ضمن مناهج الأدب والتاريخ، ما يفاقم الانسلاخ التدريجي عن الدين.
الأنشطة الثقافية والطلابية في الجامعات الكبرى تشكل أيضاً ضغطاً غير مباشر، إذ تُنظّم فعاليات يُعلن عنها تحت شعار التعددية الثقافية أو التحرر الفكري، لكنها في الواقع تضع الفتيات المسلمات أمام خيار المشاركة في طقوس دينية هندوسية أو مواجهة العزلة الاجتماعية، ما قد يؤدي إلى بداية عملية الردة الفكرية.
ضعف المؤسسات الإسلامية التعليمية والاجتماعية يزيد من هشاشة موقف الفتاة المسلمة، إذ لا توجد قيادة قوية قادرة على مواجهة هذه التحديات أو تقديم الدعم الميداني، ما يجعل الضغوط الإعلامية والاجتماعية والعائلية أكثر تأثيراً وخطورة. تقارير حقوقية في 2022 أكدت أن عشرات القضايا المرتبطة بردة الفتيات المسلمات لم تجد متابعة فعّالة من المؤسسات الدينية الكبرى، واكتفى بعضها بإصدار بيانات عامة.
المحصلة أن الفتاة المسلمة في الهند تواجه اليوم تحديات مركبة تشمل الإعلام، التعليم، الأنشطة الجامعية، والزواج القسري على تغيير الهوية، في ظل غياب مؤسسي يوازن هذه الضغوط، ما يجعل الحفاظ على الهوية الدينية والثقافية مهمة صعبة تتطلب استجابة شاملة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى