الضائقة الاقتصادية تلقي بظلالها على شعائر عيد الأضحى في إندونيسيا

الضائقة الاقتصادية تلقي بظلالها على شعائر عيد الأضحى في إندونيسيا
على وقع التكبيرات التي صدحت بها مآذن العاصمة جاكرتا، احتشد آلاف المصلين في شوارع المدينة لأداء صلاة عيد الأضحى، في مشهد إيمانيّ عميق يتحدى أجواء الغلاء والانكماش الاقتصادي الذي يضرب إندونيسيا وعدداً من بلدان جنوب آسيا.
ورغم التراجع الحاد في القدرة الشرائية وارتفاع أسعار الماشية، حافظت مظاهر العيد على حضورها، وإنْ كانت أقل زخماً من السنوات الماضية. فقد أظهرت بيانات محلية انخفاضاً بنسبة 57% في عدد الأضاحي المسجّلة مقارنة بالعام الماضي، إلا أن كثيرين تمسكوا بأداء هذه الشعيرة، ولو بأبسط الإمكانات، معتبرين أن عيد الأضحى مناسبة لا تُقاس بالبذخ، بل بالإخلاص والنية.
وفي أسواق العاصمة، سادت أجواء من الترقب والحذر، حيث بدا الباعة والمشترون أكثر تقييداً في تعاملاتهم، لكن روح الإصرار كانت حاضرة، مدفوعة بإرث دينيّ يربط عيد الأضحى بسيرة النبي إبراهيم عليه السلام والتضحية الكبرى التي خُلِّدت في الذاكرة الإسلامية.
وتكررت مشاهد مماثلة في مدن مثل نيودلهي وسريناغار، حيث زيّن المسلمون ماشيتهم بالحناء وارتفعت رايات الاحتفاء بالعيد، على الرغم من الضائقة الاقتصادية التي جعلت شراء الأضاحي ترفاً بالنسبة للكثيرين. وبرغم ذلك، حرصت العائلات على توزيع لحوم الأضاحي على المحتاجين، في صورة تجسّد التلاحم الاجتماعي والكرامة التي يمثلها العيد.
ويرى مراقبون أن تراجع حجم الأضاحي هذا العام لا يعكس فتوراً في الالتزام الديني، بل يعكس حجم الضغوط المعيشية التي تثقل كاهل المجتمعات، مؤكدين أن ما يحافظ على استمرار الشعائر هو قوة العقيدة، لا وفرة المال.
عيد الأضحى في إندونيسيا هذا العام كان أقرب إلى استحضار جوهر المناسبة ومعانيها، بعيداً عن مظاهر الاحتفال الاستهلاكي. وفي ظل اقتصاد هشّ وأسعار مضاعفة، بقيت شعائر العيد قائمة، تؤكد أن التضحية ليست فقط بالأنعام، بل أيضاً بالصبر والثبات على القيم في وجه الأزمات.