طاجيكستان: سلطة مستبدة في حرب مفتوحة ضد الإسلام والحريات العامة

طاجيكستان: سلطة مستبدة في حرب مفتوحة ضد الإسلام والحريات العامة
تواجه طاجيكستان، منذ استقلالها عن الاتحاد السوفيتي عام 1991، تراجعًا متواصلًا في الحريات السياسية والدينية، وسط نظام سلطوي يحكمه إمام علي رحمون بقبضة حديدية منذ أكثر من ثلاثة عقود، ويتبنى سياسة ممنهجة ضد المظاهر الإسلامية، رغم أن البلاد ذات أغلبية مسلمة.
فعلى مدى السنوات الماضية، تحوّلت الدولة إلى ساحة مفتوحة لقمع الهوية الإسلامية، حيث حُظر «حزب النهضة الإسلامي» – وهو أبرز قوة معارضة في البلاد – وصُنِّف تعسفيًا كمنظمة إرهابية، بينما تعرّض قادته وقواعده لحملات اعتقال ومحاكمات قاسية، في واحدة من أكبر حملات اجتثاث الإسلام السياسي السلمي في آسيا الوسطى.
كما فرضت السلطة قيودًا مشددة على الشعائر والمظاهر الإسلامية، شملت منع ارتداء الحجاب في المؤسسات الحكومية والتعليمية، ومراقبة المساجد، وفرض الرقابة على التعليم الديني، ومنع إرسال الطلاب إلى الحوزات والمدارس الدينية خارج البلاد. وتحوّلت المراكز الإسلامية إلى مؤسسات خاضعة بالكامل للأجهزة الأمنية، في مشهد يعكس عداءً صريحًا للدين ومُريديه.
يبرر النظام هذه السياسات بالخوف من عودة الصراع الداخلي، لكن الوقائع تشير إلى استخدام هذا الخطاب كذريعة لتجفيف المجال العام من أي نشاط مستقل، دينيًا كان أو مدنيًا. وقد طالت حملات القمع الصحفيين والمدونين والناشطين، ممن يُشتبه في نشرهم آراء ناقدة، حيث يُلاحقون بتهم «التحريض» و«العمل ضد الدولة»، في بيئة إعلامية تُعد من بين الأسوأ في العالم من حيث الحريات.
في المقابل، يُعيد النظام إنتاج نفسه ضمن دائرة ضيقة من النخبة العائلية والحزبية، حيث يستعد نجل الرئيس لتولي السلطة مستقبلًا، في ظل تعديلات دستورية فصلها البرلمان على مقاس التوريث، بما يكرّس حكم الفرد الواحد ويجهض أي إمكانية للتداول السلمي للسلطة.
يأتي كل ذلك في ظل صمت دولي، وتغافل عن انتهاكات حقوق الإنسان، ما يترك شعب طاجيكستان، خصوصًا فئاته المؤمنة، في مواجهة سلطة ترى في الإسلام تهديدًا مباشرًا لاستمرار حكمها، وتتعامل معه كعدو داخلي يجب إخضاعه، ولو على حساب كرامة الإنسان وحقه في الحرية والمعتقد.