من 5 عائلات إلى 200 ألف مسلم.. قصة الجالية الإسلامية في كالغاري الكندية
من 5 عائلات إلى 200 ألف مسلم.. قصة الجالية الإسلامية في كالغاري الكندية
تحتفي كندا في شهر أكتوبر من كل عام بـ”شهر التاريخ الإسلامي الكندي”، الذي أُقر رسمياً عام 2007 لتسليط الضوء على الإرث الغني والمساهمات البارزة للمسلمين في بناء المجتمع الكندي المتعدد الثقافات. وتبرز مدينة كالغاري، بمقاطعة ألبرتا، كأحد أبرز الأمثلة على تطور المجتمعات الإسلامية في البلاد.
فمن بدايات متواضعة في خمسينيات القرن الماضي، حين لم يكن في المدينة سوى خمس عائلات مسلمة من أصول عربية، تحولت كالغاري اليوم إلى موطن لأكثر من مئتي ألف مسلم من خلفيات ثقافية وجغرافية متنوعة، يشكلون مجتمعاً متماسكاً يوازن بين الهوية الدينية والاندماج الإيجابي في المجتمع الكندي.
بدأت ملامح التنظيم المجتمعي للجالية عام 1958، حين اجتمع عدد من أبناء الجالية لتأسيس أول جمعية إسلامية في المدينة بهدف تعزيز التعليم الديني والحفاظ على الهوية الثقافية، إلى جانب دعم الاندماج في المجتمع الجديد. وبعد عامين فقط، تمكنت الجمعية من شراء كنيسة صغيرة وتحويلها إلى أول مسجد في كالغاري، الذي تحول إلى مركز ديني وثقافي واجتماعي للجالية.
ومع تزايد أعداد المهاجرين في السبعينيات، خاصة بعد الحرب الأهلية اللبنانية، توسعت الجالية لتضم مسلمين من مختلف الدول العربية والإسلامية، مثل مصر وسوريا وفلسطين وباكستان والهند، ثم توافدت في العقود التالية جاليات من بنغلاديش والصومال وأفغانستان والسودان. هذا التنوع الثقافي أسهم في إثراء الحياة الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية في المدينة.
وفي عام 1978، افتُتح أول مسجد كبير في كالغاري، الذي أصبح منارة دينية وثقافية لا تزال تخدم أبناء الجالية حتى اليوم، وتقدَّم فيه دروس اللغة العربية والتعليم الديني للأطفال إلى جانب الفعاليات الاجتماعية.
وبمرور الوقت، برز أبناء الجالية في مختلف القطاعات الحيوية في كندا، من الطب والهندسة والتعليم إلى المناصب السياسية والتمثيل البرلماني، ما جعل المسلمين جزءاً فاعلاً في النسيج الوطني الكندي، مع حفاظهم على قيمهم الدينية والثقافية الأصيلة.
اليوم، تمثل قصة الجالية المسلمة في كالغاري نموذجاً لنجاح التعايش والاندماج البنّاء، حيث استطاع المسلمون تحويل بداياتهم البسيطة إلى حضور مؤثر في المجتمع الكندي، يجمع بين الإيمان والانفتاح والمشاركة الفاعلة في بناء مستقبل أكثر تنوعاً ووحدة.
