تحقيق أمريكي يكشف جرائم حرب عرقية نفّذتها قوات بورتسودان بإشراف البرهان في ولاية الجزيرة

تحقيق أمريكي يكشف جرائم حرب عرقية نفّذتها قوات بورتسودان بإشراف البرهان في ولاية الجزيرة
كشفت شبكة “سي إن إن” الأمريكية في تحقيق موسّع عن تفاصيل حملة عنف وجرائم حرب ارتكبتها قوات بورتسودان والميليشيات المتحالفة معها في ولاية الجزيرة، مؤكدة أن الانتهاكات جرت تحت إشراف مباشر من قائد القوات عبد الفتاح البرهان. ووصف مسؤول أممي ما ورد في التحقيق بأنه “إبادة جماعية على أسس عرقية” بعد اطلاعه على الأدلة والصور والشهادات التي جمعتها الشبكة.
التحقيق اعتمد على صور أقمار صناعية وشهادات ناجين وتحليلات ميدانية، وكشف عن انتهاكات “مروّعة” بقيت طيّ الكتمان لفترة طويلة، رغم فداحتها واتساع نطاقها. ووفق “سي إن إن”، فإن قوات بورتسودان نفذت عمليات قتل جماعي وإعدامات ميدانية استهدفت مدنيين تُشتبه في تعاطفهم مع قوات الدعم السريع، لا سيما من القبائل غير العربية في دارفور وكردفان، في ما وصفته التحقيقات بـ “جرائم حرب موصوفة”.
كما وثّق التحقيق شهادات صادمة عن عنف جنسي واغتصاب منهجي استُخدم كسلاح لإرهـ،ـاب المجتمعات المحلية، إضافة إلى سياسة تطهير عرقي تمثلت في حرق القرى وتدمير الأسواق والمرافق الطبية لإجبار الأهالي على النزوح. وفي ولاية الجزيرة تحديداً، أشار التحقيق إلى قصف جوي عشوائي استهدف مناطق مكتظة بالسكان، وأسفر عن مئات الضحايا، بينهم أطفال ونساء.
وذكرت الشبكة أن الانتهاكات جرت بتنسيق من مسؤولين كبار في جهاز المخابرات العامة، مؤكدة أن البرهان كان على علم مباشر بما يحدث. وحدّد التحقيق فترة الاعتداءات في شهر يناير الماضي، مع محاولات قوات بورتسودان استعادة مدينة ود مدني، حيث كانت “الفظائع تتسارع مع تقدّم القوات” حسب وصف التقرير.
وفي قرية الكريبة، أظهرت مقاطع فيديو احتجاز عشرات الشبان والاعتداء عليهم بوحشية، فيما وثّقت كاميرات أخرى مجزرة قرب “جسر الشرطة” تضم نحو 50 جثة. وأكد مُبلّغ من داخل جهاز المخابرات أن الضحايا -ومنهم مدنيون- دُفنوا في مقابر جماعية، دعمت صور الأقمار الصناعية وجودها بعد أيام من المجزرة.
كما كشف مُبلّغ ثانٍ أن قوات بورتسودان عمدت في بعض الحالات إلى رمي الجثث في القنوات المائية بعد إطلاق النار على أصحابها، مشيراً إلى أن صور الأقمار الصناعية التي التقطت في مايو الماضي أظهرت عشرات الجثث في قاع إحدى القنوات، على مقربة من المكان الذي ظهر فيه البرهان لاحقاً يلقي خطاباً أمام جنوده.
وبحسب التحقيق، فإن تلك الاعتداءات لم تكن معزولة، بل شكّلت حملة منظمة استهدفت ما لا يقل عن 39 قرية في ولاية الجزيرة، وتركزت على مجتمع “الكنابي” ذي الأغلبية غير العربية، ما دفع أحد أعضاء بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة لوصف ما جرى بأنه “إبادة جماعية مستهدفة على أسس عرقية”.
ويخلص تقرير “سي إن إن” إلى أن الإفلات من العقاب هو العامل الأبرز في استمرار هذه الانتهاكات، في ظل غياب أي تحقيقات جادة من قيادة بورتسودان أو الجهات الرسمية المعنية، وذلك رغم الأدلة الواسعة التي تؤكد وقوع جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.




