السودان.. مدنيون يُوارون قتلاهم في المنازل والمساجد والمدارس وسط تصاعد الانتهاكات واستمرار المعارك

السودان.. مدنيون يُوارون قتلاهم في المنازل والمساجد والمدارس وسط تصاعد الانتهاكات واستمرار المعارك
تتواصل في السودان مشاهد المأساة الإنسانية التي خلّفتها الحرب الدائرة منذ أكثر من عام ونصف، حيث اضطرّ مواطنون في الخرطوم وعدد من ولايات البلاد إلى دفن قتلاهم داخل المنازل والمساجد والمدارس، بعد أن منعتهم قوات الدعم السريع – وفق شهادات محلية – من الوصول إلى المقابر المخصّصة للدفن.
وقال أحد المواطنين إن “المليشيا كانت تمنع الناس من حمل جثامين ذويهم والسير بها إلى المقابر”، ما دفع الأهالي لدفن الضحايا في أقرب بقعة متاحة، في مشهد غير مسبوق يعكس حجم الانهيار الأمني والإنساني.
ومع تحسّن نسبي في بعض المناطق، بدأت لجنة الطب العدلي في استخراج هذه الجثامين بعد التعرف على أصحابها، تمهيداً لإعادة دفنها في مقابر المسلمين مع مراعاة حرمة الموتى. وتشير التقديرات إلى أن نحو 15 ألف جثة بقيت دون دفن لأسابيع وشهور خلال ذروة القتال، في وضع يُعدّ واحداً من أكبر الانتهاكات المرتبطة بالحرب.
وتصف منظمات حقوقية ما يجري بأنه سلسلة من الانتهاكات الخطيرة التي طالت حتى الأموات، بعدما حُرم الأهالي من دفن ذويهم وفق الإجراءات الشرعية والمجتمعية المتعارف عليها.
ميدانياً، تتصاعد وتيرة التطورات العسكرية في ولايات غرب وجنوب كردفان. فقد أعلنت مصادر عسكرية انسحاب الجيش السوداني من حقل الهجلي النفطي واللواء 90 قرب مدينة بابانوسا، في خطوة تهدف – بحسب المصادر – إلى حماية المنشأة النفطية من الدمار المحتمل.
وفي جنوب كردفان، ارتفع عدد الضحايا في منطقتي كلوقي إلى 177 مدنياً بعد الهجمات الأخيرة، فيما منع عناصر من الحركة الشعبية–شمال سكان مدينة كادوقلي من الخروج رغم محاولات النزوح. كما استهدفت قوات الدعم السريع مدينة الرعد شمال كردفان بقصف أسفر عن مقتل أربعة مدنيين.
ومع تزايد الانتهاكات واتساع رقعة العنف، يحذّر مراقبون من تفاقم الكارثة الإنسانية، في ظل غياب أي بوادر لوقف إطلاق النار أو تخفيف معاناة السكان الذين يعيشون واحدة من أسوأ الأزمات في تاريخ السودان الحديث.




