أفريقيا

السودان بين فكي الوباء والجوع.. تفاقم الأزمة الإنسانية في ظل النزاع المستمر

السودان بين فكي الوباء والجوع.. تفاقم الأزمة الإنسانية في ظل النزاع المستمر

تتصاعد في السودان مؤشرات الخطر الصحي والإنساني مع تفشي أعراض حمى الضنك وارتفاع حصيلة الوفيات الناتجة عن الجوع وسوء التغذية، في وقتٍ تتواصل فيه المعارك الداخلية لتفاقم معاناة المدنيين، خاصة الأطفال والنساء، الذين وجدوا أنفسهم بين فكي الوباء والمجاعة.
في ولاية جنوب دارفور، أفادت تقارير طبية محلية بظهور أعراض مريبة يُشتبه بأنها ناجمة عن حمى الضنك في مدينة نيالا، حيث استقبلت إحدى العيادات أكثر من أربعين حالة خلال الأسبوع الماضي ظهرت عليها أعراض متطابقة، منها ارتفاع شديد في درجة الحرارة تصل إلى 45 درجة مئوية، مع الحمى والقيء والغثيان.
ويعاني الأطباء في المدينة من غياب أجهزة الفحص اللازمة لتأكيد الإصابة بالمرض، ما يضطرهم إلى التعامل مع الحالات وفق التشخيص السريري فقط، وسط صمت رسمي من وزارة الصحة وعدم صدور أي بيان يوضح نطاق انتشار المرض أو الإجراءات المتخذة للحد منه.
ويثير غياب البيانات الرسمية قلق الأوساط الطبية، خصوصاً أن السودان شهد خلال الأشهر الماضية تسجيل إصابات مؤكدة بحمى الضنك في ولايات أخرى بينها الخرطوم، مما يشير إلى احتمال توسع رقعة الوباء في ظل ضعف البنية الصحية ونقص الموارد الطبية.
في موازاة ذلك، تواجه ولايات دارفور الشمالية وضعاً إنسانياً كارثياً بسبب الحصار ونقص المساعدات الغذائية. وكشف تقرير صادر عن مفوضية العون الإنساني في شمال دارفور عن وفاة 229 شخصاً جراء الجوع منذ أواخر آب/أغسطس الماضي، بينهم 171 طفلاً و58 من كبار السن، فيما بلغ إجمالي القتلى في مدينة الفاشر بسبب القتال والحصار 675 شخصاً، إضافة إلى إصابة أكثر من 1,400 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال.
وأشار التقرير إلى أن نحو 74 ألف شخص ما زالوا يعيشون داخل مدينة الفاشر المحاصرة، بينهم 38 ألف طفل، في أوضاع وصفت بأنها “كارثية”، إذ يعتمد السكان على بقايا بذور الزيوت كمصدر غذاء وحيد، بينما تعمل ستة مطابخ خيرية فقط على تقديم وجبات محدودة بعد توقف 15 مطبخاً آخر بسبب نقص التمويل والمخاطر الأمنية.
ودعت المفوضية في بيانها إلى تحرك دولي عاجل لفك الحصار عن المدينة وإرسال مساعدات غذائية وطبية عبر الإسقاط الجوي، محذّرة من انهيار كامل للنظام الصحي إذا استمر الوضع على حاله، في ظل توقف أغلب المراكز الطبية عن العمل ونفاد الإمدادات الأساسية.
وبينما يغيب الأفق السياسي لإنهاء النزاع، تتدهور الأوضاع الإنسانية في السودان يوماً بعد يوم، لتضع البلاد أمام أزمة مركّبة تجمع بين الحرب والوباء والمجاعة، في مشهد يهدد بانهيار شامل لمقوّمات الحياة في مناطق واسعة من البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى