أفريقيا

خزانة القرويين في فاس المغربية.. منارة علمية تحتفظ بأقدم كنوز المخطوطات الإسلامية

خزانة القرويين في فاس المغربية.. منارة علمية تحتفظ بأقدم كنوز المخطوطات الإسلامية

تُعدّ خزانة القرويين في مدينة فاس المغربية من أعرق وأقدم المكتبات في العالم الإسلامي، حيث تضم مجموعة نادرة من المخطوطات التي تعكس عمق التراث العلمي والحضاري للإسلام، وتشكّل شاهدًا حيًا على تطور الفكر الإنساني في مجالات الدين والفلسفة والطب والفلك.
تأسست الخزانة داخل جامع القرويين، الذي أنشأته فاطمة الفهرية في القرن التاسع الميلادي، ويُعرف بأنه أقدم جامعة وجامع في العالم. ومنذ أكثر من ألف عام، ظلت الخزانة مقصدًا للعلماء والباحثين من مختلف أرجاء العالم الإسلامي، لما تحتويه من كنوز علمية لا تُقدّر بثمن.
من أبرز مقتنياتها نسخة نادرة من المصحف الشريف تعود إلى القرن الثالث الهجري، مكتوبة بالخط الكوفي المغربي، ومرصعة بماء الذهب في بدايات السور، ما يعكس براعة الخطاطين في تلك الحقبة. كما تضم الخزانة مخطوطة فريدة من كتاب “العِبَر والمبدأ والمنتهى” لابن خلدون، كُتبت في حياته، وتحمل أكثر من سبعمائة تعليق وشروحات، مما يدل على مكانتها العلمية الرفيعة آنذاك.
ومن بين الكنوز الطبية تحتفظ خزانة القرويين بمخطوطة نادرة للفيلسوف والطبيب الأندلسي ابن الطفيل، تتناول دراسات دقيقة في الأمراض وأساليب العلاج، وتبرز تفاعل الفكر الأندلسي مع الفلسفة والعلوم الطبيعية. كما تحتوي الخزانة على مؤلف سياسي نادر من القرن العاشر الميلادي لأبي مصعب الزُهيري، يوثّق تطورات الفكر السياسي والعلمي في عهد الحكم الأموي بغرناطة، ويسلط الضوء على دور العلماء في إدارة الدولة الأندلسية.
ولا تقتصر محتويات الخزانة على المخطوطات الدينية، بل تشمل وثائق ومؤلفات في الفقه والأدب والتاريخ والعلوم، من بينها نسخ أصلية من كتاب “الشفاء” لابن سينا، ومخطوطات في الفلك والرياضيات مثل “زيج البتاني”، ووثائق سياسية توثّق علاقات المغرب بالعالم الإسلامي والأوروبي في العصور الوسطى.
وتستمر خزانة القرويين اليوم في أداء دورها كمركز علمي وتراثي عالمي، يقصده الباحثون والمؤرخون لاكتشاف صفحات نادرة من تاريخ الحضارة الإسلامية، ويُعرض في تقارير مرئية تسلّط الضوء على هذا الإرث الفريد الذي لا يزال ينبض بالحياة والمعرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى