العالم

في اليوم العالمي للإقلاع عن التدخين.. دعوات متجددة لمواجهة الوباء الصامت

في اليوم العالمي للإقلاع عن التدخين.. دعوات متجددة لمواجهة الوباء الصامت

يُحيي العالم في الحادي والثلاثين من أيار/مايو من كل عام اليوم العالمي للإقلاع عن التدخين، وسط تحذيرات مستمرة من خطورة التبغ بوصفه أحد أكثر مسببات الوفاة والأمراض المزمنة شيوعًا، في ظل استمرار انتشاره بين شرائح واسعة من المجتمعات، لا سيما في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن التبغ يتسبب سنويًا في وفاة أكثر من ثمانية ملايين إنسان، بينهم أكثر من مليون شخص من غير المدخنين ممن يتعرضون للتدخين غير المباشر، في حين تشير التقديرات إلى أن نحو نصف متعاطي التبغ معرضون للوفاة المبكرة نتيجة أمراض متصلة به مباشرة.
وفي الوقت الذي توصلت فيه البحوث الطبية إلى ارتباط التدخين بأمراض خطيرة، منها السرطان وأمراض القلب وتلف الرئتين، تبرز الحاجة إلى مواجهته عبر منظومة متكاملة تشمل التوعية، وتقييد الترويج، ودعم برامج الإقلاع، فضلًا عن سنّ تشريعات رادعة تطبَّق بصرامة.
وقد انضمت معظم دول العالم إلى الاتفاقية الإطارية بشأن مكافحة التبغ التي أُطلقت عام 2003، لتكون أول معاهدة صحية دولية تهدف إلى الحد من استهلاك التبغ والحد من أضراره. وتُنفّذ هذه الاتفاقية من خلال إجراءات معروفة اختصارًا بـ(MPOWER)، تتضمن مراقبة الاستهلاك، وحظر الإعلانات، ورفع الضرائب، وتقديم خدمات الدعم للإقلاع.
وفي العراق، صادق البرلمان على الاتفاقية الدولية وأصدر القانون رقم 19 لسنة 2012، الذي ينظم التعامل مع التبغ ويضع عقوبات متفاوتة تشمل الغرامات، ومصادرة المنتجات، وغلق المحال، وصولًا إلى منع دخول المطبوعات التي تروّج للتدخين.
رغم ذلك، لا تزال معدلات التدخين مقلقة، في ظل تساهل اجتماعي، وضعف إنفاذ القوانين، وتنامي التصورات الخاطئة، خصوصًا بين فئة الشباب، الذين يرون في التدخين وسيلة للتعبير عن الاستقلالية أو الهروب من ضغوط الحياة، دون إدراك لحجم الأضرار الصحية والنفسية والاجتماعية المترتبة.
ويحذّر مختصون في علم الاجتماع والصحة العامة من أن ظاهرة التدخين لم تعد تقف عند حدود السيجارة التقليدية، بل امتدت إلى أشكال أخرى كالسجائر الإلكترونية والأركيلة، والتي باتت تشكل تهديدًا متزايدًا، نظرًا لما تحمله من مخاطر موازية أحيانًا، وغموض في تأثيراتها طويلة الأمد.
وبينما يتجدد النداء في اليوم العالمي للإقلاع عن التدخين، تتزايد الدعوات إلى تبني رؤية شاملة لمعالجة الظاهرة، تقوم على التثقيف، والدعم النفسي، وتوفير بدائل صحية، إضافة إلى تشديد الرقابة على منتجات التبغ، وتحصين الفئات المستهدفة بحملات توعوية منتظمة، تنطلق من المدرسة وتصل إلى الإعلام والمنزل.
ويبقى الأمل معقودًا على تفعيل الإرادة الفردية والمؤسساتية لمواجهة هذا الوباء الصامت، والحد من تداعياته التي لا تقتصر على الصحة الجسدية، بل تمتد إلى الاقتصاد العام، والنسيج الاجتماعي، ونوعية الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى