المرجع الشيرازي: الغدير ليست قضية أو واقعة بل هي ثقافة إنسانية كاملة في الأبعاد كافّة
اكد سماحة المرجع الديني اية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي “دام ظله”، خلال درس الخارج في الفقه لطلبة العلوم الدينية، صباح اليوم الأربعاء، وبمناسبة حلول عيد الله الأكبر عيد الغدير الأغرّ، ان الغدير ليست قضية او واقعة فقط، بل هي ثقافة إنسانية كاملة في الأبعاد كافّة.
اكد سماحة المرجع الديني اية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي “دام ظله”، خلال درس الخارج في الفقه لطلبة العلوم الدينية، صباح اليوم الأربعاء، وبمناسبة حلول عيد الله الأكبر عيد الغدير الأغرّ، ان الغدير ليست قضية او واقعة فقط، بل هي ثقافة إنسانية كاملة في الأبعاد كافّة.
وذكر سماحته “دام ظله”، “في الخطبة الشريفة في غدير خم وبحضور مائة وعشرين ألف من المسلمين، أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد الإمام أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ورفعها، ودعا، (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله)”.
واضاف سماحته، “لقد تعرّض النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) من بداية إعلان رسالته، للأذى الكثير، حيث ذكر التاريخ أنه في بعض المواقف وبسبب الأذى سال الدم من رسول الله (صلى الله عليه وآله) من رأسه إلى قدميه، وكان بسبب أذى الكفّار يلجأ إلى الجبال، وكان المعين له في هذه الظروف الصعبة هو الإمام أمير المؤمنين، والسيد خديجة الكبرى (سلام الله عليهما)، ومع ذلك، لم أجد في التاريخ أنه (صلى الله عليه وآله) قد دعا على الكفّار، بل كان يدعو لهم بالهداية، ولكن في غدير خم دعا (صلى الله عليه وآله) على أعداء الإمام أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ولعنهم”.
واشار سماحته “دام ظله”، الى ان “النصر والخذلان الواردين في كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يجريان في جميع الأدوار التاريخية، ويصدقان على كل زمان ولكل مكان”، مؤكدا ان “الغدير ليست قضية أو واقعة فقط، بل هي ثقافة إنسانية كاملة في الأبعاد كافّة”.
واوضح سماحته، “ويمكن معرفة عظمة الغدير من سيرة وقول وتقرير الإمام أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، فقد بيّن وأعلن الإمام علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) ثقافة الغدير الفريدة خلال سنين حكومته”.
ودعا سماحته، “أيها الشباب عليكم بالتاريخ، وانظروا في تاريخ حكومة بني أمية وحكومة بني العباس، لتعرفوا كم من الناس ماتوا من الجوع في ظل هاتين الحكومتين، وممن مات من الجوع هو الصحابي أباذر”، مبينا “بينما لم يمت حتى شخص واحد من الجوع في حكومة الإمام أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، كما لم يكن حتى سجين سياسي واحد أو قتيل سياسي واحد في حكومته، وكذلك لم يعثر على شخص عاش بلا بيت ملك له في زمن حكومة الإمام علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، لانه كان يعتبر الحكومة إدارة وليست ملكاً”.
واكد سماحة المرجع الشيرازي “دام ظله”، “كان الإمام علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) يتجنّب الحروب وإراقة الدماء، ففي حرب صفين أرسل إلى معاوية بعض رسله ليقنعوه بعدم الحرب، فرفض معاوية وبدأ الحرب، ولكن بمجرد أن توقّف جيش معاوية عن الحرب، ترك الإمام (صلوات الله عليه) الحرب معهم، وفي واقعة أخرى، بعث الإمام أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، ثلاثة أشخاص إلى العدو لينصحهم وليقنعهم بترك الحرب، ولكن الأعداء قتلوا رسل الإمام الثلاثة فاستشهدوا”، متسائلا سماحته فهل تجدون مثل هذا التصرّف في التاريخ؟ وهذا لا يوجد إلاّ في ثقافة الغدير.
واشار سماحته، الى انه “يمكن العثور على ثقافة الغدير في سيرة وحياة مراجع التقليد الذين ساروا على نهج الإمام علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، ومن هؤلاء الأكابر الميرزا محمد تقي الشيرازي قائد ثورة العشرين المجيدة التي دحرت الاستعمار البريطاني بعد ان هجم على العراق، وأوقع القتل والتعذيب والنفي وغيرها من الجرائم بحق الشعب العراقي، وللتصدّي لعدوان المحتل الأجنبي أصدر المرحوم الشيخ محمد تقي الشيرازي فتوى أكد فيها أنه لا يحق لأي أحد أن يتصرّف بالسوء مع الأسرى الإنجليز أو يعرّضهم للجوع أو للأذى”، مبينا ان “هذه هي ثقافة الغدير”.
وشدد سماحته على ان “المسؤولية التي تقع على عاتقنا تجاه الغدير، هي تبليغ الغدير وإيصاله للعالمين، كما أكّد على هذا الأمر المهم مولانا النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) في خطبته الشريفة في غدير خم بقوله (فليبلّغ)، فمن كانت له الإمكانية اليوم ويقصّر أو يتهاون تجاه ثقافة الغدير وفي إيصالها للعالمين، سيكون مشمولاً للخذلان الذي دعا به رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكذلك دعوت كافة حكومات الدنيا إلى مراجعة ثقافة الغدير، وأن يجعلوا هذه الثقافة الفريدة الراقية نصب أعينهم وأعمالهم، فثقافة الغدير لم تصل للعالم كله، بسبب التقصير في هذا المجال أو العمل القليل”، مبينا “إنّ إحياء ثقافة الغدير ونشرها، مسؤولية تقع على عاتق ثلاث فئات، أكثر من غيرهم، وهم، علماء الدين، والشباب، وأصحاب الثروة والقدرة”، داعيا، “عليهم أن لا يقصّروا في هذا المجال، حتى لا يشملهم دعاء مولانا نبيّ الإسلام (صلى الله عليه وآله) أي الخذلان”.