28 شعبان ذكرى وفاة المرجع الديني السيد مهدي الشيرازي قدّس سرّه (صور)
يوافق الثامن والعشرون من شهر شعبان المعظم، ذكرى وفاة المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى السيد مهدي الشيرازي قدّس سرّه، والد سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي مدّ ظله العالي.
يوافق الثامن والعشرون من شهر شعبان المعظم، ذكرى وفاة المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى السيد مهدي الشيرازي قدّس سرّه، والد سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي مدّ ظله العالي.
في الثامن والعشرين من شهر شعبان المعظم عام 1380 للهجرة النبويّة المقدسة، في الساعة الواحدة قبل غروب الشمس (تقريباً) توفي سماحة آية الله العظمى الإمام السيد مهدي الحسيني الشيرازي (قدّس سرّه) في أثناء الوضوء وسط صحن الدار التي كان يسكنها في مدينة كربلاء المقدّسة الواقعة (بين الحرمين الشريفين) حرم سيدنا ومولانا الإمام الحسين (صلوات الله عليه) وحرم سيدنا ومولانا أبي الفضل العباس (عليه السلام).
وكانت ولادة الإمام الشيرازي أيضاً في مدينة كربلاء المقدسة منتصف شهر شعبان المعظم من عام 1304 للهجرة النبوية المقدسة في الدار الواقعة بين حرم الإمام الحسين عليه السلام وبين المخيّم الطاهر.
وما يلي هو موجز من تاريخ حياته الشريفة:
لقد تلقّى الإمام الشيرازي دروسه الأولية الدينية (المقدمات) في مدينة كربلاء المقدسة على ثلّة من الأعلام الأخيار، حتى توفي والده آية الله السيد حبيب الله في كربلاء المقدسة عام 1320 للهجرة وشُيّع تشييعاً مهيباً وصلى على جثمانه آية الله العظمى الإمام السيد اسماعيل الصدر في الصحن الحسيني الشريف ودفن في وسط دهليز (باب الزينبية) من الصحن الشريف.
ثم انتقل الإمام السيد مهدي الحسيني الشيرازي بالعائلة الشيرازية إلى سامراء المقدسة حيث الحوزة العلمية المقدسة التي أسّسها الإمام المجدّد الشيرازي (قدّس سرّه) وكانت آنذاك بإدارة زعيم ثورة العشرين الإمام الشيخ محمد تقي الشيرازي (قدّس سرّه) خال الإمام السيد مهدي الشيرازي لاُمّه، واغتنم فرصة حيث جاء فيها إلى النجف الأشرف وتلمّذ خلالها على المرجعين الكبيرين الكاظمين الخراساني واليزدي (قدّس سرّهما) ثم عاد إلى سامراء المقدسة.
كما وقد تلمّذ على يد الإمام الشيخ محمد تقي الشيرازي في سامراء المقدسة أكثر من خمسة عشر عاماً وانتقل معه ـ على إرهاصات ثورة العشرين ـ إلى كربلاء المقدسة حيث بركان الثورة الإسلامية ضد الاستعمار البريطاني، واشترك مع سائر العلماء الأعلام الآخرين تحت قيادة خالة زعيم الثورة في العديد من الأبعاد: الاستشارية، والإدارية، والعسكرية وغيرها حتى استشهد الزعيم العظيم (قدّس سرّه) بالسُّم.
فانتقل الإمام السيد ميرزا مهدي الشيرازي إلى النجف الأشرف ليواصل نموّه العلمي وصعوده في مدارج الاستنباط وليحضر دروس كبار الفقهاء آنذاك كالإمام الشيرازي السيد علي آقا نجل الإمام المجدّد الشيرازي وغيره من المحقّقين الكبار كالمحقّق النائيني والمحقّق العراقي رضوان الله عليهم.
ثم انتقل إلى كربلاء المقدسة الحاضرة العلمية العريقة التي تعود عراقتها إلى اكثر من ألف سنة بداءً من الإمام الصادق (صلوات الله عليه) ومروراً بالمحدّث الكبير (حميد بن زياد النينوي) وإلى العلاّمة الكبير ابن فهد الحلّي ثم العلاّمة الكبير الوحيد البهبهاني وكبار تلاميذه أمثال العلاّمة الكبير الشيخ جعفر كاشف الغطاء وأنجاله الفقهاء الثلاثة الكبار: كل من الشيخ موسى والشيخ علي والشيخ حسن، والمهديين الأربعة العظام: بحرالعلوم والشهرستاني والنراقي والخراساني، وإلى الميرزا القمي وصاحب الرياض وصاحب المقابيس، وشريف العلماء والشيخ الأنصاري والأردكاني وصاحب الصوابط، وأخيراً إلى الشيخ عبد الكريم الحائري والسيد محمد باقر الحجّة وغيرهم وغيرهم.
وكان نزوح الإمام السيد مهدي الشيرازي إلى حوزة كربلاء المقدّسة بطلب من الإمام السيد حسين الطباطبائي القمي (قدّس سرّه) الذي جاء إليها مبعداً من ايران ـ بسبب الطاغوت البهلوي ـ وأحيى حوزتها العلمية العريقة فلبّى الإمام الشيرازي هذا الطلب فعاد إلى مسقط رأسه كربلاء وأعاد الحوزة العلمية فيها بعد الإمام القمّي (قدّس سرّه) من عام 1366 للهجرة وإلى عام 1380 للهجرة حيث وفاته آنذاك.
وفاته:
وكان يوم وفاة الإمام السيد ميرزا مهدي الشيرازي (قدّس سرّه) يوماً مشهوداً في مدينة كربلاء المقدسة، قلّ له نظير.
فقد عُطلت الأسواق وتوشّحت جدران الحرمين الشريفين للإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس عليهما السلام، بالسواد وكذا أطراف الأسواق والشوارع وأبواب المحلاّت غرقت في الأكسية والأعلام السوداء، وتم الإعلان عن وفاته في مآذن الحرمين الشريفين بكرّات ومرّات ليلاً ونهاراً، وأعلنت الإذاعة العراقية ـ آنذاك ـ نبأ وفاته المفجع، فانهالت ألوف السيارات من أطراف العراق إلى كربلاء المقدسة، خاصة من المدن المقدسة النجف الأشرف والكاظمية وسامراء المقدستين، يقدمهم عدد من مراجع التقليد وفي مقدّمتهم سماحة آية الله العظمى الإمام السيد محسن الطباطبائي الحكيم (قدّس سرّه) واكتضت مدينة كربلاء المقدسة بأسواقها وشوارعها وأزِقّتها بالمشيّعين، وطال التشييع من الصباح الباكر وإلى العصر تخلّلته صلوات الجماعة للظهرين في الحرمين الشريفين، وقد صلّى على ذلك الجثمان الطاهر ـ بوصية خاصة منه ـ ولدُه الأكبر الإمام آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدّس سرّه) ودفن في الحجرة الكبيرة في الزاوية الغربية الجنوبية من الصحن الشريف حيث مزاره الآن.
وفي أثناء تغسيل الجثمان الطاهر للإمام الشيرازي في مغتسل المخيّم بماء الفرات انكسفت الشمس كسوفاً كليّاً مفاجئاً أظلم له الفضاء فهرع الناس لإقامة صلاة الآيات جماعاتٍ وفرادى في الحرمين الشريفين وفي سائر المساجد، ولايزال يتحدّث عنه القاصي والداني إلى يومنا هذا وبعد أكثر من نصف قرن، كما وذكر الكسوف المفاجئ، العشرات من الأدباء والشعراء في قصائدهم من النوعين (الشعر القريض ـ والشعر الشعبي) وطبع بعض ذلك في الكتاب الخاص الكبير باسم: (حياة الإمام الشيرازي) الذي قام بطبعه ونشره مكتب (منابع الثقافة الإسلامية) في مدرسة (بادكوبة) الدينيّة التابعة للحوزة العلميّة في كربلاء المقدسة.