هيومن رايتس ووتش: عام على سقوط الأسد.. ضرورة معالجة المخاوف لضمان انتقال سلمي يحترم حقوق السوريين

هيومن رايتس ووتش: عام على سقوط الأسد.. ضرورة معالجة المخاوف لضمان انتقال سلمي يحترم حقوق السوريين
في الذكرى السنوية لسقوط الحكومة السابقة، أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش أن السلطات الانتقالية السورية تقاعست عن منع استمرار العنف والفظائع. ودعت المنظمة السلطات إلى معالجة المخاوف العالقة بشأن إصلاح قطاع الأمن، والمساءلة، وضمان شمول جميع الفئات بدعم دولي موثوق.
في 8 ديسمبر 2024، نجح تحالف من الجماعات المسلحة بقيادة “هيئة تحرير الشام” في الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد، منهياً بذلك 60 عاماً من حكم حزب البعث و13 عاماً من النزاع الدموي. واعتمدت السلطات الانتقالية إعلاناً دستورياً جديداً، وأجرت انتخابات برلمانية غير مباشرة، واتخذت خطوات أولية لضمان المساءلة عن انتهاكات الحكومة السابقة.
لكن هذه الخطوات شوهها التقاعس المتكرر عن منع ارتكاب فظائع واسعة، ارتكبت العديد منها على يد القوات الحكومية، فضلاً عن استمرار الانتهاكات ضد الأقليات من قبل جماعات متعاطفة مع الحكومة الحالية، ما يقوض الثقة في قدرتها على حفظ السلم والأمن وحماية الحقوق.
وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أن ضم بعض الفصائل المسلحة إلى الجيش والأمن الرسمي دون فحص دقيق أتاح الفرصة لارتكاب انتهاكات وانعدام الانضباط، رغم أن الالتزام بالتحقيق في الفظائع المرتكبة في الساحل والسويداء يعتبر خطوة مهمة، إلا أن المخاوف مستمرة بشأن قدرة السلطات على محاسبة كبار المسؤولين.
وعلى صعيد العدالة الانتقالية، أُنشئت الهيئة الوطنية للمفقودين لتحديد مصير آلاف المخفيين، لكن بعد سبعة أشهر، لا تزال الأسر تشعر بالإحباط بسبب غياب الشفافية وغياب السبل المؤسسية للتعامل مع الهيئة. كما أن الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية تقتصر ولايتها على الجرائم التي ارتكبتها حكومة الأسد، ما أثار إحباط المراقبين، خاصة مع غياب إطار شامل للعدالة الانتقالية يعترف بكل الانتهاكات.
من جهة أخرى، شهدت الفترة الانتقالية إجراء أول انتخابات برلمانية في 5 أكتوبر 2024، إلا أنها لم تكن تصويتاً شعبياً مباشراً، بل وافقت لجنة عينها الرئيس على انتخاب 119 عضواً، عين الرئيس 70 منهم مباشرة، فيما عُلق انتخاب الباقين في الحسكة والرقة والسويداء، ما أثر على تمثيل النساء والأقليات.
وعلى صعيد المجتمع المدني، أبدت السلطات انفتاحاً أكبر على التعاون مع المنظمات الإنسانية الدولية، لكنها لا تزال تفرض قيوداً على تسجيل الجمعيات وتفرض التبعية على تسليم المساعدات عبر “الهلال الأحمر العربي السوري”، إضافة إلى مضايقات وتهديدات للعاملين في المجال الإنساني.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن رفع العقوبات من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى يشكل فرصة لإعادة بناء الاقتصاد السوري، لكنها أكدت ضرورة عدم التمييز في تقديم الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، والاستفادة من الدعم الدولي لإعادة بناء مؤسسات الدولة بما يحترم حقوق جميع السوريين.
وأكد آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في المنظمة، أن المجتمع الدولي يجب أن يعمل مع السلطات السورية لترسيخ واقع تكون فيه حقوق السوريين هي الأولوية، بدلاً من منح السلطات الحالية تفويضاً مطلقاً قد يؤدي إلى استمرار الانتهاكات.




