سوريا

ظاهرة تجنيد الأطفال في سوريا تثير القلق وسط غياب الردع والمساءلة

ظاهرة تجنيد الأطفال في سوريا تثير القلق وسط غياب الردع والمساءلة

مع استمرار النزاعات في سوريا وتوسع نفوذ الجماعات المتطرفة، تعود إلى الواجهة مجددًا ظاهرة تجنيد الأطفال، في مشهد يعيد إلى الأذهان ممارسات تنظيم “د1عش” وجبهة النصرة خلال سنوات الحرب.
مقاطع مصوّرة حديثة أظهرت أطفالًا يرتدون زيًّا موحدًا ويرددون عبارات طائفية وتحريضية، ما أثار موجة استنكار واسعة حيال استغلال القُصّر وغسل أدمغتهم وتلقينهم أفكارًا متطرفة، وسط غياب أي تحرك فعلي من السلطات السورية أو المؤسسات الرسمية لمنع هذه الانتهاكات.
المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد أنّ الظاهرة تعكس استمرار ثقافة العنف في المجتمع السوري، محذرًا من أنّ التجنيد القسري للأطفال يهدد النسيج الاجتماعي الهش في بلدٍ يحاول لملمة جراحه بعد أكثر من عقد من الحرب. وأشار المرصد إلى أنّ استمرار الحكومة الانتقالية وبعض الفصائل المسلحة في تبنّي خطابٍ متطرف يجعل من مكافحة هذه الظاهرة أمرًا صعبًا في ظل غياب المساءلة والمحاسبة.
ويرى مختصون أنّ خطورة الظاهرة تكمن في الأثر النفسي والاجتماعي العميق الذي تخلّفه على الأطفال، إذ يُجبرون على حمل السلاح والمشاركة في القتال، مما يحوّلهم من ضحايا إلى أدوات في الصراع، ويزرع فيهم ثقافة العنف كوسيلة وحيدة لحل النزاعات.
الحقوقي السوري حسان الأسود اعتبر في حديث مع المرصد أنّ تجنيد الأطفال “جريمة وطنية وأخلاقية قبل أن تكون انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني”، مشددًا على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من هذه الممارسات، عبر الضغط على الأطراف المتورطة، وتمكين منظمات المجتمع المدني من رصد الانتهاكات بحرية، وإطلاق برامج توعية تستهدف الأسر والمجتمعات المحلية.
كما دعا الأسود إلى دعم التعليم الآمن والمجاني باعتباره “الخط الأول في مواجهة التجنيد”، إلى جانب تفعيل العدالة الانتقالية لمحاسبة كل من تورّط في هذه الانتهاكات.
من جانبه، أوضح باسل كويفي، رئيس الكتلة الوطنية الديمقراطية في سوريا، أنّ “تجنيد الأطفال كارثة تهدد مستقبل جيلٍ كامل وتُقوّض أي إمكانية لإعادة بناء الدولة والمجتمع”، مؤكدًا أنّ الصدمة النفسية الناتجة عن الحرب تُحوّل الطفل من كائنٍ باحث عن الأمان إلى مقاتلٍ معتاد على العنف.
وأشار كويفي إلى أنّ مكافحة الظاهرة تتطلب دعم الجمعيات السورية المحلية، وتوفير بدائل آمنة للأطفال عبر التعليم والأنشطة الثقافية والفنية، وإنشاء مراكز لإعادة دمج الأطفال المجندين سابقًا، إضافةً إلى دعم الأسر الفقيرة لتفادي وقوعها ضحية الحاجة الاقتصادية.
وختم كويفي بالتأكيد على أنّ “تجنيد الأطفال في سوريا ليس مجرد انتهاك إنساني، بل جريمة ضد مستقبل البلاد بأكملها”، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحويل بيانات الإدانة إلى خطوات عملية، وتعزيز المساءلة القانونية والعدالة الانتقالية لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى