سوريا على مفترق الديمقراطية: إصلاحات معلنة ومخاوف متصاعدة من إعادة إنتاج الحكم الاستبدادي

سوريا على مفترق الديمقراطية: إصلاحات معلنة ومخاوف متصاعدة من إعادة إنتاج الحكم الاستبدادي
تعيش سوريا مرحلة دقيقة عقب سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، حيث أعلن القادة الجدد عن نيتهم إنهاء “حكم الخوف” عبر إصلاح الأجهزة الأمنية ونظام السجون وإجراء انتخابات تشريعية، لكنّ المخاوف من الطائفية وتركيز السلطة وغياب الشمولية ما تزال تثير قلق المراقبين.
وقالت وزارة الداخلية السورية في أيار/مايو الماضي إنها ستعيد هيكلة الأجهزة الأمنية والسجون بما يحفظ كرامة النزلاء، معلنة عن إنشاء مكاتب لتلقي شكاوى المواطنين في خطوة وُصفت بأنها مختلفة عن ممارسات النظام السابق. ورغم الترحيب الدولي بهذه الإجراءات، حذّر خبراء من أن النظام الجديد بقيادة الرئيس أحمد الشرع لا يزال متمسكاً بتركيز السلطة في يده وفي دائرة ضيقة من الموالين، معظمهم من إخوته والمقربين منه.
وترى منى يعقوبيان، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن “النظام ما زال قائمًا على رئاسة قوية تشبه إلى حد كبير نظام الأسد، مع مقاومة واضحة لتفويض السلطة ومنح الأقليات دوراً فعلياً في الحكم”. وأضافت أن غياب الشمولية يهدد بتقويض أي مسار ديمقراطي في بلد متعدد الطوائف والقوميات.
وجاء الإعلان عن الانتخابات البرلمانية ليؤكد هذه المخاوف، إذ سيُعيَّن ثلث المقاعد من قبل الرئيس مباشرة، بينما يُختار الباقي عبر هيئات محلية مرتبطة بالحكومة، مع تأجيل التصويت في ثلاث محافظات خارج السيطرة المركزية وتعيين ممثلين عنها بقرار حكومي. الأمر الذي دفع قيادات كردية إلى انتقاد الانتخابات واعتبارها “إعادة إنتاج للسياسات الإقصائية”.
في المقابل، ترى منظمات حقوقية أن الخطوات المعلنة – وإن كانت محدودة – تمثل بداية ابتعاد عن نموذج “الدولة البوليسية”، لكنها شددت على أن اختبار المصداقية يكمن في ضبط القوات الأمنية ومنع الانتهاكات الطائفية التي عادت إلى الواجهة مؤخراً، خاصة مع موجات العنف في السويداء ومناطق أخرى.
وحذّر المبعوث الأممي غير بيدرسون من أن سوريا ما زالت “على حافة السكين”، مؤكداً أن أي انتقال سياسي يجب أن يقوم على الشمولية والشفافية لبناء مؤسسات قادرة على كسب ثقة جميع المكونات.
وبينما تضم الحكومة الجديدة وزراء من الشتات وأعضاء من الأقليات، إلا أن الحقائب السيادية كالدفاع والداخلية والخارجية لا تزال بيد شخصيات مقربة من الشرع ارتبطت سابقاً بهيئة تحرير الشام، ما يثير مخاوف من استمرار النهج السلطوي تحت غطاء إصلاحات شكلية.