اكتشاف مجمّع قبور بيزنطي في شمال سوريا يعيد الأضواء إلى الإرث الحضاري لمدينة معرّة النعمان

اكتشاف مجمّع قبور بيزنطي في شمال سوريا يعيد الأضواء إلى الإرث الحضاري لمدينة معرّة النعمان
كشفت أعمال حفر لإعادة إعمار أحد المنازل المدمّرة في مدينة معرّة النعمان بمحافظة إدلب شمالي سوريا عن مجمّع قبور أثري يعود إلى الحقبة البيزنطية، في اكتشاف أثري جديد يعزّز أهمية المدينة كموقع حضاري وتاريخي بارز.
الموقع، الذي يقع أسفل حيّ سكنيّ متضرر بشدّة بفعل سنوات الحرب، يضم غرفتي دفن تحتوي كلٌّ منهما على ستة قبور حجرية، وقد عُثر داخلها على قطع فخارية وزجاجية، إلى جانب نقش صليب بارز على أحد الأعمدة، ما يؤكد انتسابها للعهد البيزنطي، بحسب ما أكّد مسؤولون في دائرة الآثار بالمحافظة.
ويأتي هذا الاكتشاف في مدينة تُعرف بإرثها الثقافي العريق، إذ تشير التقديرات إلى أن إدلب تحتضن نحو ثلث آثار سوريا، بما في ذلك أكثر من 800 موقع أثري ومدينة قديمة. ومع استئناف السكان لجهود إعادة الإعمار عقب استقرار الأوضاع الأمنية، بدأت تظهر مجددًا معالم ماضٍ يعود إلى قرون مضت.
فور اكتشاف فتحات القبور، بادر الأهالي بإبلاغ الجهات المعنية، حيث سارعت فرق متخصصة إلى توثيق الموقع وتأمينه، في خطوة تعكس تنامي الوعي بأهمية حماية التراث، في مقابل ما كان يُعدّ في السابق مصدر قلق للمواطنين الذين خشوا فقدان ممتلكاتهم في حال اكتُشفت آثار في أراضيهم.
الاكتشاف يأتي وسط آمال متزايدة بأن تسهم هذه المواقع التاريخية في إحياء قطاع السياحة الذي تضرر بشدة جراء الحرب، وتحفيز الاقتصاد المحلي الذي أنهكته سنوات من النزاع. وتُعدّ المعالم البيزنطية، المنتشرة في شمال غربي سوريا ضمن ما يُعرف بـ”المدن الميتة”، من أبرز الشواهد على العمارة والحياة الاجتماعية في العصور المسيحية الأولى، حيث تضم بقايا منازل وكنائس وأعمدة ما زالت تحتفظ بجمالها المعماري.
ويرى مراقبون أن استمرار التنقيب العلمي المنظّم، وتقديم الدعم للأهالي الذين تُكتشف الآثار في ممتلكاتهم، من شأنه أن يفتح نافذة أمل نحو مستقبل يستند إلى الذاكرة التاريخية للمنطقة، ويُسهم في تعافيها الاجتماعي والاقتصادي بعد سنوات من الدمار.