سوريا

مخاوف متصاعدة من إعادة تأهيل المتشددين الأجانب داخل الجيش السوري الجديد

مخاوف متصاعدة من إعادة تأهيل المتشددين الأجانب داخل الجيش السوري الجديد

حذّر مراقبون وخبراء أمنيون من التداعيات الخطيرة لقرار الإدارة السورية الجديدة بضم الآلاف من المقاتلين الأجانب، كانوا في السابق ضمن فصائل المعارضة، إلى صفوف الجيش الوطني، وذلك بعد موافقة مشروطة من الولايات المتحدة على هذه الخطة المثيرة للجدل.
وبحسب مصادر دبلوماسية ودفاعية، فإن الخطة التي نالت ضوءًا أخضر من واشنطن تنص على انضمام نحو 3500 مقاتل أجنبي، معظمهم من الأويغور القادمين من الصين والدول المجاورة، إلى وحدة عسكرية جديدة هي “الفرقة 84″، تضم أيضًا عناصر سورية. وترى الإدارة الأميركية أن هذه الخطوة، إذا تمت بشفافية، من شأنها وضع هؤلاء تحت المراقبة بدلاً من تركهم عرضة للانخراط مجددًا في التنظيمات المتشددة.
غير أن هذه المقاربة أثارت انتقادات واسعة، خصوصًا مع المخاوف من أن يشكل هؤلاء المقاتلون، الذين يمتلكون معرفة عميقة بهياكل السلطة الجديدة، رافدًا محتملاً لتنظيم د1عش أو غيره من الجماعات المتطرفة، خاصة في ظل استمرار مساعي التنظيم لتحرير مقاتليه من مخيمات تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
ويحذّر متابعون من أن إدماج المقاتلين الأجانب في مؤسسات الدولة، وربما منحهم الجنسية لاحقًا، سيقوّض جهود الاستقرار، ويرسل رسالة سلبية إلى الداخل السوري، خاصة في ظل الاتهامات السابقة لهؤلاء بالمشاركة في هجمات دموية ضد المدنيين في مناطق الساحل السوري والمناطق ذات الغالبية الدرزية.
ويشير محللون إلى أن الخطر لا يقتصر على الجانب الأمني أو السياسي فحسب، بل يمتد إلى التهديد الثقافي والديني، مع ما تحمله هذه الخطوة من احتمال فرض أنماط متشددة في السلوك والحياة العامة، قد تعيد إنتاج أجيال متطرفة في مناطق كانت تتطلع إلى الانفتاح.
المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس باراك، أكد وجود “تفاهم وشفافية” بشأن الخطة، واعتبر أن إبقاء هؤلاء المقاتلين ضمن مشروع الدولة أفضل من إقصائهم، واصفًا بعضهم بأنهم “مخلصون للإدارة السورية الجديدة”. إلا أن هذا الموقف يعكس تحولًا كبيرًا في السياسة الأميركية، خصوصًا بعد جولة الرئيس دونالد ترامب الأخيرة في الشرق الأوسط، والتي أفضت إلى تخفيف العقوبات المفروضة على دمشق وتعيين باراك مبعوثًا خاصًا للملف السوري.
وتُعد مسألة مصير المتشددين الأجانب من أبرز التحديات التي تعرقل الانفتاح الدولي على الحكومة السورية الجديدة، في ظل رفض بلدانهم الأصلية استرجاعهم، وغياب تعريف موحد لمن يصنَّف كـ”إرهـ،ـابي” في هذا السياق.
وفيما تسعى دمشق إلى تقديم الخطة كخيار أمني ضروري لتفادي تفجر الجبهات مجددًا، يرى مراقبون أن تأهيل المتشددين الأجانب داخل المؤسسة العسكرية الحكومية يحمل في طياته خطرًا طويل الأمد، قد ينسف جهود التحول السياسي، ويمنح خطاب “الاعتدال” غطاءً شكليًّا لا يبدد الشكوك الجوهرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى