سوريا

غياب أدوات حديثة والتفكك يعرقلان ترسيخ قيم التسامح وحقوق الإنسان في التعليم السوري

غياب أدوات حديثة والتفكك يعرقلان ترسيخ قيم التسامح وحقوق الإنسان في التعليم السوري

يواجه النظام التعليمي في سوريا تحديات عميقة تتجاوز الدمار المادي الذي خلّفته سنوات الحرب، لتطال جوهر العملية التربوية المتمثل في بناء قيم المواطنة والتسامح وقبول الآخر. إذ يُجمع تربويون على أن المناهج الحالية والكثير من الكوادر التعليمية يفتقرون إلى الأدوات والأساليب اللازمة لترسيخ مفاهيم حقوق الإنسان ومكافحة التمييز داخل البيئة المدرسية.
المعلمة هبة البقاعي، الحاصلة على إجازة في التربية، وصفت واقع التعليم السوري بأنه “متهالك” من النواحي كافة، مؤكدة أن البنية التحتية شبه المنهارة تجعل من الصعب إيصال المفاهيم القيمية إلى الطلاب، خاصة في ظل غياب بيئة تعليمية محفّزة.
وأشارت البقاعي إلى أن كثيراً من المعلمين يفتقرون إلى التأهيل الكافي لتناول قضايا مثل التسامح ورفض الانتهاكات، محذّرة من أن “الخطاب القيمي” يكاد يكون غائباً أو مشوشاً في المدارس، وهو ما ينعكس سلباً على الأجيال القادمة.
رغم التنوع الجغرافي والثقافي لطلاب المدارس والجامعات السورية، ترى البقاعي أن هذا التعدد لا يُستثمر بالشكل الصحيح. وأضافت: “بدلاً من أن تكون المنصات التعليمية فضاءً لزرع ثقافة التعددية، يجري أحيانًا تجاهل هذا التنوع أو تحويله إلى مصدر للفرقة”. وأكدت على أهمية دور المرشدين النفسيين في تعزيز بيئة صفّية قائمة على الاحترام والتقارب.
وترى البقاعي أن التحدي الأكبر اليوم يتمثل في “تمزق النسيج التعليمي والاجتماعي”، نتيجة تفاوت المفاهيم والقيم بين المناطق السورية، مؤكدة أن مهمة المعلمين اليوم تتجاوز تدريس المناهج إلى محاولة إعادة ربط هذا النسيج وترسيخ هوية وطنية جامعة.
وعلى صعيد السياسات الرسمية، انتقدت البقاعي غياب التشريعات الواضحة التي تردع خطابات الكراهية أو التمييز داخل المدارس. وقالت إن وزارة التربية “بحاجة إلى قوانين صارمة كما فعلت وزارة التعليم العالي، حتى لا تبقى المدارس ساحة مفتوحة أمام انتهاكات فكرية وسلوكية قد تغذي النزاعات المجتمعية مستقبلاً”.
في ظل هذه التحديات، يبقى التعليم في سوريا بحاجة إلى إصلاح عميق، لا يقتصر على الأبنية والمناهج، بل يشمل إعادة صياغة دور المعلم كمربٍ وقائد مجتمعي، قادر على غرس القيم التي تضمن مستقبلًا أكثر عدلاً وتماسكًا لجميع السوريين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى