وسط مخاوف حقوقية.. تزايد حالات الاختفاء القسري للنساء في بلوشستان

وسط مخاوف حقوقية.. تزايد حالات الاختفاء القسري للنساء في بلوشستان
شهد إقليم بلوشستان الباكستاني على مدى السنوات الأخيرة نمطًا مقلقًا من حالات الاختفاء القسري، طالت نساءً ناشطات وصحفيات وطالبات، ما أثار مخاوف متزايدة بشأن اتساع نطاق الانتهاكات الحقوقية وخطورة الوضع الإنساني والأمني في الإقليم.
وأوضحت وكالة “أنباء المرأة” أن هذه الظاهرة تمثل تحولًا لافتًا في طبيعة القمع، إذ لم تعد مقتصرة على فئات تقليدية، بل شملت النساء بوصفهن فاعلات اجتماعيات وحقوقيات، مضيفة أبعادًا جديدة للأزمة تتجاوز البعد الأمني إلى المجتمعي والثقافي.
ووثّقت منظمات حقوقية بلوشية، منها “صوت البلوش للمفقودين”، إلى جانب تقارير إعلامية محلية، حالات اختفاء نساء في مدن مثل كويتا، بانجكور، خوزدار وأواران، مع تسجيل تصاعد في الاستهداف خلال عام 2025 شمل فئات متنوعة، من الطالبات وناشطات المجتمع المدني، وصولًا إلى العاملات في القطاع الصحي والمراهقات.
وحذّر نشطاء حقوق الإنسان من أن استهداف النساء لم يكن عشوائيًا، بل جاء بدوافع تتجاوز الإيذاء الفردي لبث الخوف القائم على النوع الاجتماعي، وإضعاف شبكات المناصرة المجتمعية، وتقويض رأس المال الاجتماعي عبر ضرب الفئات التي تلعب دورًا محوريًا في التضامن الأسري والمجتمعي.
وأشار التحليل الحقوقي إلى أن تغييب النساء يحمل رسالة ردع مزدوجة، موجهة إلى الضحايا المباشرات وإلى محيطهن الاجتماعي، بهدف كبح أي نشاط مدني أو حقوقي مستقبلي.
وكشفت تقارير حقوقية عن اتهامات طالت أجهزة شبه عسكرية وأمنية، بينها قوات الحدود ووحدات مكافحة الإرهـ،ـاب وأجهزة الاستخبارات، بالضلوع في عدد من حالات الاختفاء القسري، فيما نفت الحكومة الباكستانية هذه الاتهامات، إلا أن التحقيقات المستقلة بقيت شبه غائبة، والمسار القضائي عاجز عن كشف مصير المختفيات أو محاسبة المسؤولين.
وحذرت هيئات دولية من أن غياب التحقيقات المستقلة واستمرار الإفلات من العقاب أسهما في ترسيخ هذا النمط من الانتهاكات، مؤكدين أن التقاعس الرسمي يترك آثارًا عميقة تشمل الانهيار الاقتصادي والنفسي للأسر، وحرمان الأطفال من الرعاية والدعم، إلى جانب تكريس ثقافة الخوف والرقابة الذاتية التي تحد من المشاركة المدنية.
وأبرزت تقارير أن استهداف النساء يحمل دلالات رمزية خطيرة، إذ يسهم في إسكات أصوات المدافعات عن حقوق المرأة وزعزعة شبكات الدعم النسائية داخل المجتمع البلوشي، ما ينذر بآثار تمتد عبر الأجيال.
ونشرت منظمات دولية مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش تقارير دعت إلى إطلاق سراح النشطاء وإجراء تحقيقات مستقلة، كما طالب خبراء أمميون بخطوات ملموسة، إلا أن الضغوط الدولية لم تنجح حتى الآن في فرض آليات مساءلة ملزمة، فيما تزايدت المخاوف مع استمرار اعتقالات وقيود طالت نشطاء بارزين، منهم مهرانج بلوش، في ظل غياب الرقابة والمحاسبة.




