الجفاف وتراجع الإطلاقات المائية يضعان الأمن الغذائي في العراق أمام تهديد مباشر

الجفاف وتراجع الإطلاقات المائية يضعان الأمن الغذائي في العراق أمام تهديد مباشر
تتصاعد أزمة الجفاف في العراق بوتيرة مقلقة، في ظل الانخفاض الحاد في الإيرادات المائية القادمة من تركيا، وما يرافقه من تراجع كبير في مناسيب نهري دجلة والفرات، الأمر الذي بات يشكّل تهديداً مباشراً للأمن الغذائي الوطني ويعمّق معاناة المحافظات الزراعية في الوسط والجنوب.
وحذّر النائب داخل راضي من تفاقم الجفاف نتيجة ما وصفه بـ السياسات المائية التركية المتبعة تجاه العراق، مؤكداً أن محافظات الجنوب والوسط أصبحت الأكثر تضرراً بعدما تراجعت حصص المياه المتدفقة إليها بنسبة كبيرة. وأضاف أن شح المياه ألحق ضرراً مباشراً بالزراعة، ورفع الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على السكان، مع تقلّص المساحات المزروعة وانخفاض الإنتاج المحلي من المحاصيل الأساسية.
وأعرب راضي عن خشيته من أن استمرار الوضع الحالي سيقود إلى تداعيات خطيرة على الأمن الغذائي، داعياً الحكومة المقبلة إلى اعتماد حلول استراتيجية عبر القنوات الدبلوماسية والقانونية لضمان حقوق العراق المائية. كما شدد على مسؤولية البرلمان في متابعة هذا الملف الحيوي وإنصاف المحافظات المتضررة وتعزيز مشاريع الري والسدود الداخلية لمواجهة مواسم الجفاف المقبلة.
وفي السياق نفسه، أكد الخبير البيئي محمد سلام أن العراق دخل فعلياً مرحلة “الخطر المائي” بفعل التراجع المستمر في واردات نهري دجلة والفرات، محذراً من أن السنوات المقبلة قد تكون أكثر قسوة إن لم تُتخذ إجراءات عاجلة. وأوضح أن مستويات المياه في النهرين انخفضت إلى معدلات لم تُسجَّل منذ عقود، بسبب المشاريع التركية الكبيرة مثل سد إليسو الذي تسبب في تقليص تدفق مياه نهر دجلة بشكل ملحوظ.
وأشار سلام إلى أن المحافظات الجنوبية باتت تعتمد على إطلاقات مائية محدودة لا تلبّي احتياجات الزراعة والثروة الحيوانية، كما أدى ذلك إلى ارتفاع الملوحة وتدهور نوعية المياه. واعتبر أن الجفاف الحالي ليس أزمة طارئة، بل مؤشر على تغيّر بيئي طويل الأمد مرتبط بارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات الأمطار بفعل التغير المناخي.
ودعا إلى تبني برامج وطنية لإدارة المياه تشمل تطوير شبكات الري، وتقليل الهدر، وتوسيع محطات التحلية، وتنويع مصادر المياه لمواجهة الأزمة المتصاعدة.
وخلال السنوات العشر الماضية، تراجعت إيرادات المياه القادمة من تركيا بنسبة وصلت في بعض الفترات إلى أكثر من 60% وفق تقارير وزارة الموارد المائية، فيما شيّدت أنقرة سلسلة سدود ضمن مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP)، كانت أبرزها سد إليسو الذي دخل الخدمة عام 2020. ومع اعتماد العراق على مصادر مائية تأتي بنسبة 70% من خارج حدوده، انعكس هذا الانحسار على القطاع الزراعي الذي شهد تراجعاً واسعاً، ودفع محافظات مثل ميسان وذي قار والبصرة إلى إعلان الطوارئ المائية في بعض المواسم.
وتحذّر دراسات بيئية من أن العراق قد يواجه بحلول عام 2035 عجزاً مائياً يتجاوز 10 مليارات متر مكعب سنوياً إذا بقي الوضع على حاله، ما ينذر بأزمة اقتصادية واجتماعية واسعة تهدّد سبل العيش والاستقرار في البلاد.



