العراق

تقرير تركي يستعرض استراتيجية لحل نزاع المياه بين العراق وتركيا ويؤكد أهمية “الدبلوماسية التعاونية”

تقرير تركي يستعرض استراتيجية لحل نزاع المياه بين العراق وتركيا ويؤكد أهمية “الدبلوماسية التعاونية”

نشرت صحيفة ديلي صباح التركية تقريرًا موسعًا تناول النزاع المائي الممتد بين العراق وتركيا حول نهري دجلة والفرات، داعية أنقرة إلى مواصلة ما وصفته بـ”الدبلوماسية التعاونية” كخيار لتعزيز الاستقرار وتحقيق حلول مستدامة بين البلدين.
وأوضح التقرير أن شحّ المياه المتصاعد في الشرق الأوسط جعل ملف الأنهار المشتركة أكثر إلحاحًا، إذ لطالما اتهم العراقُ تركيا بتقليص تدفقات المياه، فيما تؤكد أنقرة أنها تتصرف ضمن حقوقها السيادية على المنبع وبـ”حسن نية”.
وأشار التقرير إلى أن مشروع جنوب شرق الأناضول، الذي شهد إقامة عشرات السدود ومحطات الطاقة خلال تسعينيات القرن الماضي، أثار مخاوف بغداد من تراجع تدفقات المياه، بينما ترى تركيا أن منشآتها أسهمت في السيطرة على الفيضانات وتوفير تدفقات أكثر استقرارًا في فترات الجفاف.
وبحسب الصحيفة، فإن تغير المناخ والنمو السكاني المتسارع زادا من ضغط الأحواض المائية، مما جعل الجفاف أكثر تكرارًا في العراق. ورغم غياب تعاون ثلاثي شامل بين أنقرة وبغداد ودمشق، فإن العلاقات الثنائية شهدت انفراجًا واضحًا عام 2024 عقب زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان للعراق، والتي أسفرت عن اتفاق إطار للتعاون المائي مهّد لتوقيع اتفاق تاريخي في عام 2025.
وأكد التقرير أن تركيا تستند في موقفها إلى مبدأ “الإدارة الموحدة” للنهرين بوصفهما حوضًا مائيًا واحدًا، في مقابل إصرار العراق على التعامل مع دجلة والفرات كحوضين منفصلين. واعتبر أن أي اتفاق ملزم يجب أن يُبنى على دراسات تقنية مشتركة وتفاهمات متبادلة، مشيرًا إلى أن أنقرة امتنعت لعقود عن “تسليح المياه”، حتى في فترات التوتر السياسي مع بغداد ودمشق.
وأشار التقرير إلى أرقام تقول إن تركيا تساهم بحوالي 60% من تدفق دجلة والفرات لكنها لا تستخدم سوى 29% منه، فيما يطالب العراق تاريخيًا بنحو 81% رغم أنه يساهم بـ36%. أما بالنسبة لنهر الفرات وحده، فتركيا تمثل 90% من منابعه، بينما لا يساهم العراق بأي نسبة، ومع ذلك يحصل على ما يصل إلى 65% من تدفقاته.
وفي المقابل، ركز التقرير على أن العراق يربط اعتراضاته بمبدأ “عدم التسبب بالضرر” لاستخداماته المائية الثابتة، منتقدًا في الوقت نفسه سوء الإدارة الداخلية للموارد، حيث تُهدر كميات كبيرة من المياه بسبب التسرب والري التقليدي. وذكّر بأن تقارير أممية سابقة حذرت من ضياع نحو نصف مياه العراق نتيجة ضعف البنى التحتية والاستخدام غير المنظم.
وسلط التقرير الضوء على الانفراج الأخير الذي تُوّج بتوقيع اتفاق إطار في نيسان/أبريل 2024، أعقبه اتفاق تنفيذ مفصل في تشرين الثاني/نوفمبر 2025، يجمع بين التعاون المائي وتمويل البنية التحتية عبر “معادلة النفط مقابل المياه”. وبموجب الاتفاق، تتولى شركات تركية بناء سدود وشبكات ري حديثة في العراق بتمويل من عائدات النفط، إلى جانب آليات مشتركة للرصد وتبادل البيانات وتخطيط العمليات المائية.
ونقل التقرير إشادة وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بالاتفاق الجديد باعتباره “نقطة تحول” ستسهم في إعادة تأهيل منظومة المياه العراقية، وتأسيس إدارة مشتركة أكثر كفاءة للموارد المشتركة، بما يشمل تخزين المياه، تحديث شبكات الري، وضمان الاستخدام المستدام في مواجهة الجفاف والتغير المناخي.
وختم التقرير بالتأكيد على أن تركيا قادرة على تعزيز موقعها من خلال الالتزام بالدبلوماسية التعاونية، وإنجاز المشاريع المشتركة في وقتها، ودعم العراق في الحد من الهدر المائي وتحسين كفاءة استخدام المياه. واعتبر أن هذه “الاستراتيجية التعاونية” تمثل المسار الأكثر واقعية لمعالجة النزاع التاريخي حول دجلة والفرات على المدى البعيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى