العراق

زراعة الكبد في العراق.. كيف نجح الأطباء في تجاوز عقبات 50 عامًا من المحاولات؟

زراعة الكبد في العراق.. كيف نجح الأطباء في تجاوز عقبات 50 عامًا من المحاولات؟

تحوّلت أحلام بدأت في سبعينيات القرن الماضي إلى إنجاز طبي غير مسبوق، بعدما نجح فريق عراقي في إجراء أول عملية زراعة كبد داخل مستشفى حكومي، واضعًا البلاد على أعتاب مرحلة جديدة في مجال الجراحات المعقدة التي ظلّت عصيّة لعقود بسبب نقص الإمكانات والتجهيزات والخبرات.
الإنجاز الذي احتضنه مستشفى الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) في كربلاء، كشف تفاصيله رئيس الفريق الطبي مؤيد كاظم محمد النقيب، مؤكداً أن العملية جاءت ثمرة سنوات طويلة من التدريب والاستعداد وزيارات لفرق أجنبية، وتوفير بيئة عالية التعقيم وفق معايير السيطرة على العدوى.
وقال النقيب إن فكرة زراعة الكبد في العراق بدأت عام 1970 عند تأسيس الجمعية العراقية لأمراض الجهاز الهضمي، وتطورت في الثمانينيات، إلا أن الانطلاقة الفعلية نحو تطبيقها في كربلاء بدأت قبل 12 عاماً عبر مبادرات شخصية، شملت سفره وزميله هادي الخطابي إلى عدة دول لاكتساب الخبرة اللازمة.
وأوضح أن نجاح العملية تطلب تأمين دعم متكامل يشمل التخدير والقسطرة والطب التداخلي، مؤكداً أن جراحة الكبد تُعد من أدق العمليات لارتباطها بتداخلات دوائية وجراحية معقدة، وضرورة وجود طبيب أشعة تداخلية لمعالجة أي مضاعفات قد تظهر بشكل طارئ.
وبيّن أن الفريق واجه تحديات كبيرة، أبرزها تجهيز المستشفى لتعقيم خاص وصالات عمليات متطورة ووحدات عناية مركزة وأجهزة أشعة وقسطرة ومختبرات ومصرف دم، مشيراً إلى أن عملية الزراعة تحتاج إلى عمليتين متزامنتين للمتبرع والمتلقي، بفريقين كاملين، وتستغرق بين 12 و20 ساعة.
وأشار النقيب إلى أن التحضيرات استمرت أكثر من عام، خلاله زارت المستشفى سبعة فرق أجنبية من تركيا والهند ومصر، قبل اختيار الفريق الهندي من معهد “أبولو” للمشاركة في إجراء العملية إلى جانب الفريق العراقي. وكشف أن الملاكات الطبية في كربلاء عملت ليلة كاملة قبل العملية دون توقف استعداداً لهذه التجربة.
ولتأمين بيئة آمنة بعد العملية، وفّرت المستشفى غرفة عزل بضغط عالٍ مزودة بفلاتر خاصة لمنع انتقال البكتيريا والفيروسات، نظراً لاعتماد المريض على أدوية مثبطة للمناعة. كما تم إبرام توأمة مع مركز متخصص في بغداد لتطوير ردهات العناية المركزة وتعزيز إجراءات مكافحة العدوى.
وبشأن شروط العملية، أوضح النقيب ضرورة التأكد من بلوغ المريض مرحلة التليف النهائي، ومطابقة فصيلة الدم بينه وبين المتبرع، وأن يكون المتبرع بين 18 و60 عاماً وخالياً من الأمراض المزمنة ولديه قناعة ورغبة بالتبرع. ويتم تحديد حجم الجزء المزروع بدقة عبر جهاز المفراس لضمان حماية المتبرع من مضاعفات خطيرة.
واختتم النقيب مؤكداً أن هذه الخطوة مثلت تجربة تأسيسية اكتسب خلالها الأطباء العراقيون خبرات واسعة قبل وأثناء وبعد العملية، مضيفاً أن تكرار هذه الجراحات سيقود إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي والوصول إلى استقلال كامل في إجراء عمليات زراعة الكبد داخل العراق دون الحاجة لأي دعم خارجي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى