البرلمان العراقي يبحث إعلان “الطوارئ المائية” بعد تحول الأنهر إلى مياه ملوثة تهدد الحياة

البرلمان العراقي يبحث إعلان “الطوارئ المائية” بعد تحول الأنهر إلى مياه ملوثة تهدد الحياة
تشهد أزمة المياه في العراق تطوراً خطيراً ينذر بكارثة بيئية وصحية، بعدما تحولت مياه نهري دجلة والفرات إلى ما يشبه “المياه السامة”، نتيجة التراجع الحاد في مستويات المياه وتزايد معدلات التلوث الناجم عن تصريف مياه الصرف الصحي والمخلفات الصناعية والطبية في مجاري الأنهار.
ويبحث البرلمان العراقي إعلان “حالة الطوارئ المائية” بعد تحذيرات متكررة من برلمانيين وخبراء من أن البلاد تواجه أزمة وجودية قد تجعل من الحصول على مياه صالحة للشرب تحدياً يومياً للمواطنين، في ظل استمرار الجفاف المزمن وسوء الإدارة وتراجع الإيرادات المائية الواردة من دول المنبع.
وبحسب مراقبين، فإن مسودة خطة الطوارئ المائية التي جرى إعدادها داخل البرلمان تتضمن ثلاثة محاور رئيسة، أولها تخصيص دعم مالي عاجل لتمكين وزارة الموارد المائية من تنفيذ خطط الطوارئ، وثانيها وقف التلوث من خلال إلزام وزارتي الصحة والبلديات بوقف تصريف مياه الصرف والمستشفيات في الأنهر، وثالثها تعويض الفلاحين المتضررين جراء توقف أو تقليص النشاط الزراعي بسبب شح المياه.
ويحذر خبراء من أن الأزمة الحالية تجاوزت مرحلة الخطر، وأن استمرار التراجع في منسوب المياه سيؤدي إلى آثار مدمرة على الزراعة والحياة البيئية، وصولاً إلى تهديد مياه الشرب نفسها. ويشير مختصون إلى أن بعض مناطق العراق باتت تعتمد على مياه غير صالحة للاستهلاك البشري، وهو ما قد يفتح الباب أمام موجة من الأمراض والأوبئة.
ويرى محللون أن الأزمة ليست طارئة بل تمتد جذورها إلى سنوات من الإهمال وسوء الإدارة، فضلاً عن غياب اتفاقات ملزمة مع دول الجوار التي تتحكم بمصادر المياه، في وقت تستمر فيه تركيا ببناء وتشغيل سدود جديدة ضمن مشروع “الأناضول الكبرى”، ما تسبب في تراجع حاد لحصة العراق المائية منذ تسعينيات القرن الماضي.
ويؤكد خبراء الموارد المائية أن استمرار الوضع الحالي من دون إجراءات عاجلة سيقود إلى سيناريوهات كارثية قد تجعل من العراق صحراء قاحلة بحلول عام 2040، في ظل تقارير دولية تشير إلى احتمال توقف تدفق مياه دجلة والفرات بشكل شبه كامل.
ويعتمد العراق على مصادر مائية خارجية بنسبة تفوق 70 في المئة من إجمالي موارده المائية، ومع دخول البلاد عامها الخامس من الجفاف الحاد، باتت مظاهر الأزمة ملموسة في مختلف المحافظات، حيث جفّت الأهوار بنسبة تفوق 80 في المئة، وتراجعت المساحات الزراعية بأكثر من نصف، فيما اضطرت آلاف العائلات إلى النزوح من مناطقها بسبب فقدان مصادر المعيشة.
ويرى مراقبون أن إعلان “الطوارئ المائية” أصبح خطوة ضرورية لإدارة الأزمة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الموارد المائية والبيئية في العراق، قبل أن تتفاقم الأوضاع وتتحول إلى كارثة وطنية شاملة تهدد الأمن الغذائي والحياة البشرية.