ذكرى الأنفال تمر بصمت.. الرأي العام مغيب عن ذكرى جرائم البعث المقبور

ذكرى الأنفال تمر بصمت.. الرأي العام مغيب عن ذكرى جرائم البعث المقبور
رغم مرور أكثر من أربعة عقود على حملات الأنفال التي شنّها نظام البعث المقبور ضد الكورد، لا تزال هذه الذكرى تمرّ سنويًّا بصمت شبه تام من الرأي العام، وسط غياب التفاعل المجتمعي والمواقف الرسمية الجادة التي تليق بحجم الفاجعة.
ويرى مراقبون أن هذا الغياب لا يعكس ضعفًا في الذاكرة الجمعية، بل هو نتيجة مباشرة لسياسات رسمية اتسمت بالانتقائية والتوظيف السياسي للحدث، ما أدى إلى إفراغه من أبعاده الإنسانية والوطنية، وأفقد المجتمع بوصلته في التعامل مع كوارثه التاريخية.
وتشير تحليلات اجتماعية إلى أن إخفاق الدولة ووسائل الإعلام في بناء رواية عادلة وشاملة عن الأنفال أسهم في تغليب اللامبالاة العامة على التعاطف، بل إن بعض الأصوات لم تتردد في تبرير الجريمة أو التقليل من شأنها، نتيجة تراكمات طويلة من الخطاب الإقصائي والاستقطاب السياسي.
وتُعدّ حملات الأنفال التي استهدفت آلاف القرى والمدن الكوردية واحدة من أسوأ جرائم الإبادة الجماعية في العصر الحديث، ومع ذلك، لم تسهم الإدانات القضائية، ولا الاعترافات الرسمية، في تحويل هذه الذكرى إلى وعي مجتمعي مشترك، أو إلى دروس تُحتضن وطنيًّا.
ويشير تجاهل ذكرى الأنفال هذا العام إلى تعمّق هذا الخلل، ويفتح باب التساؤل حول جدوى الخطابات الرسمية الموسمية التي لم تنجح في ربط المواطن بقضاياه، ولم تزرع الإحساس بأن مثل هذه المآسي تخص الجميع، لا فئة بعينها.
ويؤكد ناشطون أن الطريق نحو استعادة الوحدة الوطنية لا يمرّ عبر طمس الماضي أو تهميش ضحاياه، بل من خلال استحضار الذاكرة الجماعية، وفهم أسباب الكارثة، والالتزام بمسؤولية عدم تكرارها.
فحملات الأنفال، كما يقول البعض، ليست مجرد مأساة كوردية، بل كارثة عراقية جامعة، يجب أن لا تبقى طيّ النسيان، بل تتحول إلى صرخة ضمير ضد الطغيان، تُسمع في كل مدينة وقرية عراقية.