العراق يعيد مئات العائلات من مخيم “الهول” وسط تحذيرات من تداعيات أمنية واجتماعية

العراق يعيد مئات العائلات من مخيم “الهول” وسط تحذيرات من تداعيات أمنية واجتماعية
في خطوة مثيرة للجدل، أعادت الحكومة العراقية نحو 500 عائلة من مخيم “الهول” الواقع شمال شرقي سوريا إلى مناطقها الأصلية في محافظة صلاح الدين، ضمن خطة وطنية تهدف إلى إنهاء ملف النازحين المرتبطين بتنظيم داعش وإعادة دمجهم في المجتمع المحلي، وسط تحذيرات أمنية ومجتمعية من تداعيات هذه العودة.
وقال مصدر أمني في محافظة صلاح الدين، إن “هذه العائلات نُقلت بشكل تدريجي من مخيم الهول إلى مخيم الجدعة جنوب الموصل، حيث خضعت لإجراءات أمنية صارمة وبرامج تأهيل أولية، قبل أن توزّع على مناطق بيجي، والشرقاط، وتكريت، والضلوعية، وسامراء، وبلد، بإشراف قيادة عمليات صلاح الدين”.
وأشار إلى أن العراق سيستقبل اليوم الخميس لاستقبال “الدفعة 28” من العائلات العراقية المقيمة في مخيم الهول، والبالغ عددها نحو 230 عائلة، ليتم إخضاعها لاحقاً لبرنامج تأهيلي نفسي واجتماعي في مخيم الجدعة، قبل السماح لها بالعودة إلى مناطقها الأصلية.
الخطوة أثارت ردود فعل متفاوتة، إذ عبّر الخبير الأمني والأكاديمي د. خليل الجبوري عن قلقه من أن “تفتقر عمليات الدمج هذه إلى برامج تأهيل حقيقية تراعي الأبعاد النفسية والاجتماعية والأمنية”، مشيراً إلى أن “تعليق برامج ممولة سابقاً من الأمم المتحدة بعد قرار إدارة ترامب بوقف الدعم، أضعف قدرة العراق على تقديم رعاية فعالة للعائدين”.
كما حذر الشيخ سعدون الدليمي، أحد وجهاء محافظة صلاح الدين، من “خطر التسرع في إعادة هذه العائلات دون مصالحة مجتمعية وضمانات أمنية حقيقية”، مؤكداً أن “العديد من الأهالي لا يزالون يعانون من آثار الهجمات التي تعرضوا لها خلال فترة سيطرة التنظيم، وأن فرض التسامح بالقوة قد يولّد صراعات جديدة”.
من جهته، دعا الناشط المدني حسين عبد الله إلى “إشراك المجتمع المحلي في هذه الخطط بصورة جدية، والعمل على معالجة مسببات العزلة والتهميش التي قد تؤدي إلى انغلاق بعض العائلات أو عودتها إلى الفكر المتطرف”.
ويُعدّ مخيم الهول من أخطر وأعقد المخيمات في العالم، ويضم أكثر من 50 ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال، بينهم آلاف العراقيين. وتصفه تقارير أممية بأنه “قنبلة موقوتة”، وسط تحذيرات من استخدامه كمنصة للتجنيد ونشر الفكر المتطرف.
ووفقاً لبيانات رسمية، فقد أعاد العراق حتى منتصف عام 2025 أكثر من 5 آلاف شخص من هذا المخيم، في إطار خطة لإغلاق هذا الملف تدريجياً، إلا أن استمرار التحديات الأمنية والمجتمعية يجعل من هذه المهمة واحدة من أعقد الملفات التي تواجه الحكومة العراقية في مرحلة ما بعد “داعش”.