السلاح العشائري في العراق.. رصاص الفرح يتحول إلى مآتم وصور متكررة للمأساة

السلاح العشائري في العراق.. رصاص الفرح يتحول إلى مآتم وصور متكررة للمأساة
ما بين الأعراس والمآتم، لم يعد السلاح العشائري في العراق مجرد موروث تقليدي، بل غدا تهديداً دائمًا يتربص بالمواطنين، يحصد الأرواح في لحظات لا تفرّق بين الفرح والحزن، ويترك خلفه ضحايا أبرياء لا علاقة لهم بالمناسبة ولا بالسلاح.
تتكرر الحكايات ذاتها في مختلف المحافظات: رصاصة طائشة تخترق جسد إنسان في مكان عام أو حتى داخل بيته، لتتحول الأفراح إلى جنازات، والعزاءات إلى مآتم مزدوجة.
وتسجل المستشفيات العراقية سنويًا مئات الإصابات الناتجة عن الرصاص العشوائي، بعضها ينتهي بالموت، كما يؤكد الطبيب محمد العيساوي، مشيرًا إلى أن المناسبات الرياضية أو الاحتفالات العامة، مثل فوز المنتخب أو أعياد رأس السنة، تشهد أحيانًا عشرات الإصابات بالرصاص الطائش.
القانون العراقي يجرّم إطلاق العيارات النارية في المناسبات، حيث تنص المادة 24 من قانون الأسلحة لعام 2017 على الحبس والغرامة بحق كل من يرتكب هذا الفعل، إلا أن المحامي عمر حسين يوضح أن التنفيذ غالبًا ما يكون ضعيفًا، إما لجهل الفاعل أو لحلّ الأمر عشائريًا.
بدورهم، يؤكد بعض شيوخ العشائر اتخاذهم مواقف رافضة لهذه الظاهرة. الشيخ جاسم الشمري من كربلاء يشير إلى التزام مجلس شيوخ العشائر بعدم السماح بإطلاق النار في المناسبات، لكنه يعترف بصعوبة السيطرة على جميع الأفراد، خاصة في لحظات الانفعال. ويضيف: “البعض يرى في إطلاق النار تعبيرًا عن الفرح أو الحزن، وآخرون يختبرون أسلحتهم في الهواء بلا وعي بخطورة الأمر”.
وفي ظل ضعف الردع الأمني، وتراخي المجتمع في مواجهة هذه الظاهرة، تبقى حياة الأبرياء في العراق رهينة لرصاصة لا تعرف وجهتها، قد تنطلق احتفالاً، لكنها تنتهي بفقدان حياة… بلا مبرر.