مصر

افتتاح سد النهضة يفتح فصلاً جديداً في أزمة مياه النيل ومصر تبحث عن خياراتها المستقبلية

افتتاح سد النهضة يفتح فصلاً جديداً في أزمة مياه النيل ومصر تبحث عن خياراتها المستقبلية

افتتحت إثيوبيا رسمياً، اليوم الثلاثاء، سد النهضة على النيل الأزرق، ما شكّل محطة تاريخية جديدة في ملف تقاسم مياه النيل، وأعاد إلى الواجهة إشكالية الأمن المائي لكل من مصر والسودان، بعد أكثر من عقد من المفاوضات غير المثمرة منذ بدء تشييد السد عام 2011.
وتزامن الافتتاح مع تحركات مصرية وسودانية لإحياء “مبادرة حوض النيل” على أساس مبادئ التوافق والإخطار المسبق وعدم الإضرار، وهي مبادئ ترفضها أديس أبابا التي تواصل المضي بخطوات أحادية، مستندة إلى اتفاقية عنتيبي التي دخلت حيز التنفيذ العام الماضي وتسمح لدول المنبع بإنشاء مشروعات مائية دون العودة إلى دولتي المصب.
وترى القاهرة والخرطوم أن أبرز التحديات تتمثل في المخاطر الناجمة عن غياب التنسيق في ملء وتشغيل السد، إضافة إلى مخاوف من أمانه ومن انعكاسات فترات الجفاف والتصريفات غير المنضبطة، فضلاً عن احتمال فقدان نحو 15 مليار متر مكعب سنوياً من حصص البلدين. كما حذّر خبراء من أن انهيار السد قد يؤدي إلى كارثة مائية تهدد مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وصولاً إلى السد العالي في جنوب مصر.
ورغم إعلان وزارة الداخلية الإثيوبية أن “طغيان الأجهزة الأمنية قد انتهى”، يرى محللون أن النظام الجديد لا يزال متمسكاً بسياسة تركيز السلطة، ما يعزز الشكوك حول نواياه في الالتزام بقواعد التعاون الإقليمي. وفي المقابل، أكدت منظمات حقوقية أن محاولات إصلاح الأجهزة الرسمية خطوة إيجابية، لكن الاختبار الحقيقي يكمن في التنفيذ والالتزام الفعلي بالمعايير الدولية.
أما على صعيد الخيارات المصرية، فتتمسك القاهرة بحقها في الدفاع عن أمنها المائي عبر جميع الوسائل المشروعة، بما في ذلك العودة إلى مجلس الأمن أو حتى اللجوء إلى إجراءات أكثر صرامة في حال تعرّضت حصتها المائية للخطر. كما تسعى في الوقت نفسه إلى تعزيز تحالفاتها مع دول مؤثرة في الحوض، مثل أوغندا وتنزانيا والكونغو الديمقراطية، بالتوازي مع مشروعات قومية لترشيد استخدام المياه حتى عام 2050.
ويثير إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد عن خطط مستقبلية لبناء سدود إضافية على النيل الأزرق قلقاً مضاعفاً لدى القاهرة والخرطوم، حيث شدد خبراء على أن أي مشروعات جديدة ستواجه رفضاً قاطعاً ما لم تدرج ضمن اتفاق ملزم يضمن مصالح الدول الثلاث.
وبينما يبقى مشهد الأمن المائي في المنطقة مفتوحاً على احتمالات متعددة، يتفق المراقبون على أن مستقبل العلاقات بين القاهرة وأديس أبابا سيتحدد بمدى استعداد الطرفين للجلوس على طاولة تفاوض حقيقية، بعيداً عن فرض الأمر الواقع الذي يهدد استقرار واحد من أقدم الأنهار التي شكلت حضارة الإنسانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى