أفغانستان

الفقر والجوع في أفغانستان.. أزمة إنسانية تتجاوز قدرة طالبـ،ـان على إدارتها

الفقر والجوع في أفغانستان.. أزمة إنسانية تتجاوز قدرة طالبـ،ـان على إدارتها

تواجه أفغانستان واحدة من أسوأ أزماتها الإنسانية منذ عقود، إذ يعيش واحد من كل خمسة أفغان على حافة الموت بسبب الجوع، وفقًا لتحذيرات برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة (WFP). ويعكس هذا الرقم الصادم الانهيار المتسارع في الأمن الغذائي، نتيجة عقودٍ من الحرب، والانهيار الاقتصادي الذي أعقب عام 2021، إلى جانب سنواتٍ من الجفاف وتراجع المساعدات الدولية.
وأكد برنامج الأغذية العالمي أن البلاد تحتاج بشكل عاجل إلى 555 مليون دولار لإنقاذ ملايين الأشخاص، خصوصًا الأطفال دون سن الخامسة، من خطر الموت جوعًا، محذرًا من أن الأزمة لم تعد إنسانية فحسب، بل باتت شاهدًا على فشل منظومة كاملة في تأمين أبسط مقومات الحياة لشعب أنهكته الحروب والإهمال الدولي.
وتشير آخر التقييمات إلى أن أكثر من 8 ملايين أفغاني – أي نحو خُمس السكان – يعيشون حاليًا في مستوى من المجاعة يهدد حياتهم مباشرة، وسط تراجع حاد في التمويل الدولي الذي لم يغطِّ حتى الآن سوى 25% من الاحتياجات الضرورية.
ويُعزى تفاقم الأزمة إلى جملة من العوامل المتداخلة، أبرزها الانهيار الاقتصادي عقب سيطرة طالبـ،ـان على الحكم وتجميد الأرصدة الخارجية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية كالدقيق والزيت بنسبة وصلت إلى 300% في بعض المناطق. كما أسهمت التغيرات المناخية والجفاف المستمر في تقليص الإنتاج الزراعي بنسبة 40%، لا سيما في الولايات الجنوبية والغربية.
وتُضاف إلى ذلك القيود الإدارية والاجتماعية المفروضة من قبل سلطات طالبـ،ـان، ومنها منع النساء من المشاركة في العمل الإنساني، ما جعل الوصول إلى الفئات الأشد حاجة أكثر صعوبة. وفي ظل غياب خطة وطنية شاملة للأمن الغذائي، وانعدام الشفافية في إدارة الموارد، تبقى محاولات احتواء الأزمة محدودة الأثر.
ويعاني أكثر من مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، بينما لا يحصل سوى 30% منهم على العلاج اللازم بسبب نقص التمويل، ما ينذر بمأساة إنسانية وشيكة إذا لم يُتخذ إجراء عاجل.
ومنذ عام 1963، يُعد برنامج الأغذية العالمي العمود الفقري للمساعدات في أفغانستان، إلا أنه أعلن مؤخرًا أن قدراته التشغيلية باتت على وشك الانهيار، لا بسبب ضعف فني، بل نتيجة غياب التمويل والتنسيق الكافي.
ويرى مراقبون أن ما تشهده أفغانستان اليوم يتجاوز حدود أزمة الجوع المؤقتة، ليصبح دلالة على انهيار منظومة الأمن الغذائي في بلدٍ يعاني من غياب الإرادة السياسية والرؤية الاقتصادية، إلى جانب انحسار الدعم الدولي. وفي ظل هذا الواقع المأساوي، تبرز مسؤولية مزدوجة على عاتق طالبـ،ـان والمجتمع الدولي: الأولى بتوفير بيئة شفافة وآمنة لتقديم المساعدات، والثانية بعدم ترك الصمت يتحول إلى تواطؤ أمام كارثة إنسانية متصاعدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى