العالم الاسلامي

كاتب باكستاني: كربلاء شهدت مواجهةً بين أنبل شخصيات البشر ممثلةً بالإمام الحسين عليه السلام وأسوأها على الإطلاق بني أمية

ذكرت صحيفة “داون” الباكستانية، أن رمال كربلاء المحترقة قد شهدت قبل 14 قرناً، مواجهةً بين أنبل شخصيات البشر ممثلةً بالإمام الحسين وأفراد أسرته وأصحابه المخلصين، وبين أسوأها على الإطلاق، على شكل القطيع الإمبراطوري الأموي.

 

 

ذكرت صحيفة “داون” الباكستانية، أن رمال كربلاء المحترقة قد شهدت قبل 14 قرناً، مواجهةً بين أنبل شخصيات البشر ممثلةً بالإمام الحسين وأفراد أسرته وأصحابه المخلصين، وبين أسوأها على الإطلاق، على شكل القطيع الإمبراطوري الأموي.

وقالت الصحيفة في مقال للكاتب “قاسم أ. معيني” بعنوان “شاهد على كربلاء”، إنه “من المخيم الحسيني، ظهرت العديد من الأمثلة الساطعة التي تجسّد الشجاعة والشهامة والصمود في مواجهة الصعاب التي تبدو مستعصية على الحل، يتصدر هذه القائمة الإمام الحسين عليه السلام نفسه، الذي واجه بشجاعةٍ بالغةٍ طاغية زمانه من أجل إنقاذ أساس الإسلام، فضلاً عن خطبة السيدة زينب عليها السلام المؤثرة في بلاط الكوفة ودمشق بصورة هزت عرش يزيد، ناهيك عن بلاغة الإمام زين العابدين عليه السلام وصبره في مواجهة الكارثة بصورةٍ قلّ نظيرها في التاريخ”.

وأضاف معيني، أنه “هنالك مثال سامٍ آخر ينبثق من هذا المعسكر الجليل، ألا وهو الإمام محمد بن علي الباقر، حفيد الإمام الحسين وإبن الإمام زين العابدين عليهم السلام أجمعين، والذي رغم كونه مازال قاصراً في يوم عاشوراء، إلا أنه كان شاهداً رئيسياً على هذه المجزرة، ولعب دوراً أساسياً في الحفاظ على الصرح الإسلامي وإعادة بنائه بعد إستشهاد جده وأفراد أسرته الآخرين في سهول العراق”.

وأشار الكاتب الباكستاني الى أن “الإمام الباقر عليه السلام ورغم كونه طفلاً حينها، إلا أنه كان شاهد عيان على الأحداث التي لا تزال تهزّ أي شخص ذو ضمير حتى بعد قرون من وقوعها، والتي كان في مقدمتها القتل الوحشي للإمام الحسين عليه السلام، حيث ذكر المحدث الشهير الشيخ عباس القمي في كتابه نفس المهموم، والذي يعدّ أحد أكثر الروايات أصالةً عن مأساة كربلاء نقلاً عن الإمام الباقر عليه السلام، قوله إن جده المعصوم قد أصيب بأكثر من 320 جرحاً بين رمح وسيف وسهم”.

وبيّنت الصحيفة شبه الرسمية أن “الأمر لم ينته عند هذا الحد، فقد شهد الإمام الباقر معاناة السيدة زينب عليها السلام وعمّاته وأخواته وباقي قريباته من بيت الرسول صلى الله عليه وآله، كسبايا حرب من قبل الجيش الأموي وإحتجازهن في ظروف لا توصف، علاوة على ذلك، فإن والده الإمام زين العابدين عليه السلام، كان قد أُجبِر من جانبه على السير في الأغلال في الصحاري الحارقة بالعراق وسوريا.

وإستدرك معيني، أن “اللافت حقاً هو أنه حتى بعد تعرّض الإمام عليه السلام لمثل هذه الظروف المروعة التي من شأنها أن تكسر حتى أكثر الرجال قسوة، هو أنه عندما بلغ سن الرشد، قد لعب دوراً كبيراً في إعادة بناء جوهر الإسلام بعد معاناته من أضرار جسيمة على يد الأمويين”.

وتابع الكاتب، أنه “خلفاً للإمام السجاد، فقد بنى الإمام الباقر على هذا الأساس واستخدم مسجد الرسول الكريم قاعدةً له، وأعاد نشر العلوم الإسلامية على طريقة جده الأكبر أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، في الوقت الذي كان فيه الأمويون المنهمكين بتوسع إمبراطوريتهم وبالصراعات السياسية والقبلية، لم يهتموا كثيراً بمسائل التعلّم والروحانيات، حيث لم يكن هناك أحد، باستثناء آل البيت الأطهار (عليهم السلام)، لملء هذا الفراغ”.

وأشار المقال الى أنه “يمكن قياس مدى تأثير الإمام الباقر عليه السلام على التعليم الإسلامي عبر الإلتفات الى أن لقبه يعني (المتعمّق)، نظراً لتغولّه في مجالات المعرفة كافة ونشرها في وقت كان فيه المجتمع الإسلامي ينزلق إلى طريق الجهل، وفيما كانت دمشق لا تعدو كونها خلية من السياسات والمكائد، فقد أصبحت المدينة المنورة، بتوجيه من الإمام الباقر، مركزاً تعليمياً مرةً أخرى”.

وأوضحت الصحيفة أنه “بحلول ذلك الوقت، إزدهرت علوم التفسير والحديث وجميع فروع المعرفة الأخرى في المدينة المنورة، حيث لم يتوافد رجال العلم على الإمام الباقر لإرواء عطشهم وحسب، بل وصل الأمر الى لجوء الأمراء إلى الإمام عندما لا يتمكن غيره من الإجابة على الأسئلة الفلسفية الكبرى حينها، فيما واظب خليفته الإمام جعفر الصادق على هذا التقليد الكوني في العلم والتقوى، مشكّلاً بذلك علم الدين الإسلامي الحديث كما نعرفه”.

وإختتم كاتب المقال بالتأكيد على إنه “في أوقات الشدائد هذه، عندما ضربت العالم أزمات من أنواع مختلفة، سياسية كانت أم إقتصادية أو أمنية أوصحية تقدّم لنا شخصية ملهمة مثل الإمام الباقر عليه السلام نموذجاً رائعاً في الصمود، فبعد معاناته من خسارةٍ شخصية هائلة، إلا أنه وبدلاً من الإنسحاب من العالم، فقد إستخدم هذا الرمز النبيل، المعرفة التي وهبها الله له وقوة شخصيته لإحياء الأمة، مع الحفاظ على مأساة آل بيته حتى لا يتمكن اللاحقون من تحريف حقائقها”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى