حين نطقت السماء بالعدالة المطلقة… كيف سبق الإسلامُ العالمَ في إعلان حقوق الإنسان؟

ذكرت صحيفة “كشمير هورايزن” الكشميرية، أنه في زمنٍ تُمطر فيه الدنيا شعاراتٍ عن الحرية والمساواة وحقوق الإنسان، تئن البشرية تحت وطأة الحروب، والمجاعات، والعبودية الحديثة، والتمييز الممنهج. ومع كل مؤتمر دولي، وكل معاهدة جديدة، يبقى السؤال معلقًا في الهواء: هل ما زالت الحقوق تُمنح؟ أم تُنتزع؟
وقالت الصحيفة في مقال افتتاحي ترجمته وكالة “أخبار الشيعة” أنه “قبل أكثر من 1400 عام، أعلن القرآن الكريم مبدأ المساواة الإنساني في أعظم صيغة سماوية، بالقول ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى…﴾ – (سورة الحجرات: 13).
وتابع المقال أن الإسلام لم يكن حركة تمرّد على الظلم فحسب، بل كان إعلانًا ربّانيًا لمنظومة حقوق، لا تقف عند حدود الإنسان الفرد، بل تتجاوزها إلى المجتمع، والضعفاء، وحتى الأسرى.
واضاف كاتبا المقال د. بلال أحمد وانتظار أحمد، أنه بينما وُلد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 في أعقاب حربين عالميتين، وُلدت منظومة الحقوق في الإسلام من رحم الوحي، لتُقرّ أن لكل إنسان كرامته وحقه في الحياة والمأوى والرزق، لا فرق بين عربي أو أعجمي إلا بالتقوى.
وأشار الكاتبان إلى أن الفرق الجوهري أن الحقوق المذكورة في الإسلام ليست توصيات أخلاقية، بل فرائض إلهية، تُحاسب الأمم على انتهاكها، ويُبشّر المظلومون بإنصافٍ لا يؤجله الزمن، وفي عالم تتعدد فيه المنظمات الحقوقية، وتعجز عن حماية الأبرياء، تتهاوى قيم العدل أمام حسابات القوة والمصالح. أما في الإسلام، فالعدل ليس مطلبًا سياسيًا، بل عبادة، وفق قوله تعالى ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ – (المائدة: 8).
وإذا كانت الأمم المتحدة توصّف الحقوق بـ”غير القابلة للتصرف”، فإن الإسلام يرفعها إلى مقام “الحق الرباني”، الذي لا يجوز لأيّ بشر أن يسلبه من آخر، ففي القرن السابع الميلادي، حين كانت العبودية جزءًا طبيعيًا من كل المجتمعات، لم يُنزل الإسلام أمرًا مباشرًا بإلغائها، بل وضع استراتيجية تفكيكية متدرجة، تقوم على تحرير العبيد بوصفه عملاً يُكفِّر الذنوب، ويُقرب إلى الجنة، أما اليوم، ففي زمن “السوق الحرة”، تُمارس العبودية في الخفاء، تحت عناوين العنف المنزلي، والاتجار بالبشر، والعمل القسري، دون نصير حقيقي للضحايا.
بل وحتى في أشدّ لحظات القتال، رسّخ النبي “صلى الله عليه وآله” مبادئ الرحمة، فنهى عن الحرق، أو التعذيب، أو قتل الجرحى، أو الإساءة للأسرى، فيما نجد اليوم أنه وعلى الرغم من توقيع الدول على عشرات المعاهدات، تبقى الحقوق رهينة المصالح، لتُنتهك باسم “الأمن القومي”، أو تُؤجل باسم “السيادة الوطنية”، إلا في الإسلام، حيث لا يخضع الحق للمفاوضات، ولا للمساومة. هو ثابت، لأنه موهوب من الله، لا ممنوح من بشر.